148

دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة

دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة

Géneros

فضرب منهما: الماء من الماء لا غير، وضرب منهما: أن رسول الله ﷺ قال: لا غسل على من أكسل حتى ينزل. فأما ما كان من ذلك فيه ذكر "الماء من الماء" فإن ابن عباس ﵁ قد روي عنه في ذلك أن مراد رسول الله ﷺ به قد كان غير ما حمله عليه أهل المقالة الأولى. ثم ذكر بسنده عن ابن عباس –﵁ قوله: "الماء من الماء":" إنما ذلك في الاحتلام، إذا رأى أنه يجامع ثم لم ينزل، فلا غسل عليه". فهذا ابن عباس قد أخبر أن وجهه غير الوجه الذي حمله عليه أهل المقالة الأولى، فضاد قوله قولهم. وأما ما روي فيما بين فيه الأمر، وأخبر فيه بالقصد، أنه لا غسل عليه في ذلك حتى يكون الماء؛ فإنه قد روي عن النبي ﷺ خلاف ذلك. وذكر بإسناده حديث أبي هريرة المتقدم في المبحث "إذا قعد بين شعبها..الحديث". وذكر أيضًا بإسناده عن عائشة –﵄. قال أبو جعفر: فهذه الآثار تضاد الآثار الأول، وليس في شيء من ذلك دليل على الناسخ من ذلك ما هو، فنظرنا في ذلك –وذكر بإسناده عن أبي بن كعب- قال: إنما كان الماء من الماء في أول الإسلام، فلما أحكم الله الأمر نهى عنه. قال أبو جعفر: فهذا أبي يخبر أن هذا هو الناسخ لقوله "الماء من الماء"، وقد روي عنه بعد ذلك من قوله ما يدل على هذا أيضًا. وذكر بسنده عن محمود بن لبيد: أنه سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل، فقال زيد: يغتسل. فقلت له: إن أبي بن كعب كان لا يرى فيه الغسل، فقال زيد: إن أبيًّا قد نزع (رجع) عن ذلك قبل أن يموت. قال أبو جعفر: فهذا أبي قد قال هذا. وقد روي عن النبي ﷺ خلاف ذلك، فلا يجوز هذا عندنا إلا وقد ثبت نسخ ذلك عنده من رسول الله ﷺ. وكذلك عثمان وأبو هريرة قالا ذلك ورويا عن رسول الله ﷺ-خلافه، فلا يجوز هذا إلا وقد ثبت النسخ عندهما.

1 / 148