218

Minutos de Tafsir

دقائق التفسير

Investigador

د. محمد السيد الجليند

Editorial

مؤسسة علوم القرآن

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٤

Ubicación del editor

دمشق

الْحَال إِمَّا إِزَالَة مَا يضرّهُ أَو حُصُول مَا يَنْفَعهُ وَالْعَبْد مَأْمُور أَن يسْأَل ربه دون خلقه كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿فَإِذا فرغت فانصب وَإِلَى رَبك فارغب﴾ وَقَالَ لِابْنِ عَبَّاس إِذا سَأَلت فاسأل الله وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه
وَلَا بُد للْإنْسَان من شَيْئَيْنِ طَاعَته بِفعل الْمَأْمُور وَترك الْمَحْظُور وَصَبره على مَا يُصِيبهُ من الْقَضَاء الْمَقْدُور فَالْأول هُوَ التَّقْوَى وَالثَّانِي هُوَ الصَّبْر قَالَ تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم لَا يألونكم خبالا﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَإِن تصبروا وتتقوا لَا يضركم كيدهم شَيْئا إِن الله بِمَا يعْملُونَ مُحِيط﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿بلَى إِن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هَذَا يمددكم ربكُم بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسومين﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿لتبلون فِي أَمْوَالكُم وَأَنْفُسكُمْ ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا وَإِن تصبروا وتتقوا فَإِن ذَلِك من عزم الْأُمُور﴾ وَقد قَالَ يُوسُف ﴿أَنا يُوسُف وَهَذَا أخي قد من الله علينا إِنَّه من يتق ويصبر فَإِن الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ﴾
وَلِهَذَا كَانَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر الجيلاني وَنَحْوه من المشائخ المستقيمين يوصون فِي عَامَّة كَلَامهم بِهَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ المسارعة إِلَى فعل الْمَأْمُور والتقاعد عَن فعل الْمَحْظُور وَالصَّبْر وَالرِّضَا بِالْأَمر الْمَقْدُور وَذَلِكَ أَن هَذَا الْموضع غلط فِيهِ كثير من الْعَامَّة بل وَمن السالكين فَمنهمْ من يشْهد الْقدر فَقَط وَيشْهد الْحَقِيقَة الكونية دون الدِّينِيَّة فَيرى أَن الله خَالق كل شَيْء وربه وَلَا يفرق بَين مَا يُحِبهُ الله ويرضاه وَبَين مَا يسخطه ويبغضه وَإِن قدره وقضاه وَلَا يُمَيّز بَين تَوْحِيد الألوهية وَبَين تَوْحِيد الربوبية فَيشْهد الْجمع الَّذِي يشْتَرك فِيهِ جَمِيع الْمَخْلُوقَات سعيدها وشقيها مشْهد الْجمع الَّذِي يشْتَرك فِيهِ الْمُؤمن وَالْكَافِر وَالْبر والفاجر وَالنَّبِيّ الصَّادِق والمتنبىء الْكَاذِب وَأهل الْجنَّة وَأهل النَّار وأولياء الله وأعداؤه وَالْمَلَائِكَة المقربون والمردة الشَّيَاطِين
فَإِن هَؤُلَاءِ كلهم يشتركون فِي هَذَا الْجمع وَهَذِه الْحَقِيقَة الكونية وَهُوَ أَن الله رَبهم وخالقهم ومليكهم لَا رب لَهُم غَيره وَلَا يشْهد الْفرق الَّذِي فرق الله بِهِ بَين أوليائه

2 / 295