فَهَذَا خبر من الله عَمَّن كَانَ متصفا بِهَذَا الْوَصْف قبل مبعث مُحَمَّد ﷺ وَمن أدْرك من هَؤُلَاءِ مُحَمَّدًا ﷺ فَآمن بِهِ كَانَ لَهُ أجره مرَّتَيْنِ
فصل فِي ﴿إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم﴾
دَعْوَى النَّصَارَى فِي الْمَسِيح
قَالُوا وَقَالَ أَيْضا فِي مَوضِع آخر ﴿إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم خلقه من تُرَاب﴾ فأعنى بقوله ﴿مثل عِيسَى﴾ إِشَارَة إِلَى الناسوت المؤخوذ من مَرْيَم الطاهرة لِأَنَّهُ لم يذكر هُنَا اسْم الْمَسِيح إِنَّمَا ذكر عِيسَى فَقَط
وكما أَن آدم خلق من غير جماع ومباضعة فَكَذَلِك جَسَد الْمَسِيح خلق من غير جماع وَلَا مباضعة وكما أَن جَسَد آدم ذاق الْمَوْت فَكَذَلِك جَسَد الْمَسِيح ذاق الْمَوْت وَقد يبرهن بقوله أَيْضا قَائِلا إِن الله ألْقى كَلمته إِلَى مَرْيَم وَذَلِكَ حسب قَوْلنَا معشر النَّصَارَى إِن كلمة الله الخالقة حلت فِي مَرْيَم وتجسدت بِإِنْسَان كَامِل
وعَلى هذاالمثال نقُول فِي السَّيِّد الْمَسِيح طبيعتان
طبيعة لاهوتية الَّتِي هِيَ طبيعة كلمة الله وروحه
وطبيعة ناسوتية الَّتِي اخذت من مَرْيَم الْعَذْرَاء واتحدت بِهِ وَلما تقدم بِهِ القَوْل من الله تَعَالَى على لِسَان مُوسَى النَّبِي إِذْ يَقُول أَلَيْسَ هَذَا الْأَب الَّذِي خلقك وبرأك واقتناك قيل وعَلى لِسَان دَاوُد النَّبِي روحك الْقُدس لَا تنْزع مني وَأَيْضًا على لِسَان دَاوُد النَّبِي بِكَلِمَة الله تشددت السَّمَوَات وبروح فَاه جَمِيع أفواههن وَلَيْسَ يدل هَذَا القَوْل على ثَلَاثَة خالقين بل خَالق وَاحِد الْأَب ونطقه أَي كَلمته وروحه أَي حَيَاته
الرَّد عَلَيْهِم حَقِيقَة القَوْل فِي عِيسَى وَالْجَوَاب من وُجُوه
1 / 319