213

Dala'il al-I'jaz

دلائل الإعجاز ت الأيوبي

Editor

ياسين الأيوبي

Editorial

المكتبة العصرية

Número de edición

الأولى

Ubicación del editor

الدار النموذجية

Géneros

فإن قلتَ: فقد يَنبغي على هذا الأصل ألاَّ تجيءَ جملةٌ مِن مبتدأٍ وخبرٍ حالًا إلاَّ مع (الواو)، وقد ذكرتُ قبْلُ أنَّ ذلك قد جاء في مواضعَ من كلامهم، فالجواب: أنَّ القياسَ والأصْلَ أن لا تَجيءَ جملةٌ من مبتدأٍ وخبرٍ حالًا إلاَّ مع (الواو) وأمَّا الذي جاء في ذلك فَسَبيلهُ سبيلُ الشيء يَخرجُ عن أَصْله وقياسِه والظاهرِ فيه بضربٍ من التأويل ونوعٍ من التشبيه. فقَولُهم "كلَّمتُهُ فوهُ إلى فيَّ" إنما حَسُن بغير (واو) من أجْل أنَّ المعنى: كلَّمْتُهُ مشافِهًا له. وكذلك قولهم "رجعَ عَوْدُه على بَدْئه" إنما جاء الرفعُ فيه والابتداءُ من غير (واو) لأن المعنى رجَعَ ذاهبًا في طريقه الذي جاء فيه. وأما قوله:
وجدتُه حاضراهُ الجودُ والكرمُ
فلأن تقديم الخَبر الذي هو "حاضراهُ" يَجعلُه كأنه قال: وجدته حاضرًا عندَهُ الجودُ والكرمُ. وليس الحَمْلُ على المعنى وتَنزيلُ الشيء منزلةَ غيرِه، بعَزيزٍ في كلامهم، وقد قالوا: (زيدٌ أضرِبْه). فأجازوا أن يكون مثالُ الأمر، في موضع الخَبر، لأنَّ المعنى على النصب، نحو "اضربْ زيدًا" ووضَعوا الجملةَ من المبتدأ والخبر موضعِ الفعل والفاعل، في نحو قوله تعالى: ﴿أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ﴾ [الأعراف: ٩٣]. لأنَّ الأصْلَ في المعادلة أن تكون الثانية كالأُولى نحو "أدعَوْتموهم أم صَمَتُّمْ". ويدل على أن ليس مجيءُ الجملة من المبتدإ والخبر حالًا بغير (الواو) أصلًا قلَّتُهُ، وأنه لا يَجيءُ إلاَّ في الشيءِ بعد الشيءِ. هذا ويجوز أن يكونَ ما جاء مِن ذلك إنما جاء على إرادة (الواو) كما جاء الماضي على إرادة "قد".
واعلمْ أنَّ الوجْهَ فيما كان مثلَ قولِ بشار:
خرجْتُ مع البازي عَلَيَّ سوادُ

1 / 212