Invitación a la Filosofía: Un Libro Perdido de Aristóteles

Abd Ghaffar Makkawi d. 1434 AH
48

Invitación a la Filosofía: Un Libro Perdido de Aristóteles

دعوة للفلسفة: كتاب مفقود لأرسطو

Géneros

الهدف والغاية أو ال «لماذا»، كالصحة بالنسبة للتنزه.

ويلاحظ القارئ أن العلة الثالثة هي وحدها العلة أو السبب بمعناه الحقيقي، أما العلتان الأوليان فهما «مبادئ» الكون والنشوء، وأما الرابعة التي تعبر عن المبدأ والغاية في نفس الوقت فقد شرحها في محاورته «عن الفلسفة»، والمهم أن العلل الأربع كانت عند أرسطو بمثابة أداة للعمل في يد الباحث، أو بمثابة الخطة والمنهج الذي يطبقه على بحوثه المختلفة. وفي نص الفقرة (36) يذكر أرسطو في معرض كلامه عن العلل والعوامل الأولية الهواء والنار (عند الفلاسفة السابقين على سقراط) والعدد (عند الفيثاغوريين) والطبائع أو الموجودات الأخرى (كالمثل عند أفلاطون، وقد ذكرها أيضا في مقالة «الثيتا» من كتاب الميتافيزيقيا 8، 1050 ب34)، وهو بهذا كله إنما يؤكد حجته عن أسبقية المبدأ والأصل على ما يترتب عليه وينتج عنه عن طريق الأمثلة التي يستمدها عادة من التراث الفلسفي السابق عليه. أما كلمة «الطبيعي» فيريد بها الشيء الذي يكون وجوده متفقا مع الطبيعة وملائما لها. (ب38-42) هذه الفقرات موجهة بصفة خاصة إلى معاصره «إيزوقراطيس»

3 (436-338ق.م) الذي انتقد منهج التعليم في الأكاديمية نقدا قاسيا وإن كان مهذبا (انظر مجموعة خطبه المعروفة «أنتيدوزيس» من 84 وكذلك 285) مؤكدا فيها «أهمية المنفعة» في توجيه الشباب، وقد سبق لأفلاطون نفسه في محاورة فايدروس أن وصف منهج إيزوقراط في التربية (دون أن يذكر اسمه) بأنه «تلقين» على حين أن منهجه هو نفسه يقوم على تحويل النفس بكليتها «أي تغيير اتجاهها من الظلام إلى النور، من الظن والتخمين والمعرفة الحسية إلى المعرفة بالمعقولات والمثل ذاتها» (الجمهورية، 518ج، 521ج، 525ج، 532ج). والملاحظ في النص ورود كلمة «الفعل»

4

أو التحقق التي تعبر عن فكرة أساسية في فلسفة أرسطو التي أشرنا مرارا إلى أنها فلسفة فعل (وهو في النهاية فكرة استمدها من أفلاطون)، فغاية الشيء عنده (التيلوس)

5

هي تحقيق فعله الخاص به، وكل شيء في الطبيعة يتجه نحو تحقيق هذا الفعل المتسق المنظم الذي يتعلق بالشيء ويلائم طبيعته. (ب43-45) يغلب الأسلوب البلاغي والخطابي على هذه الفقرات، ولعل الهدف منه هو تصوير الحجة المنطقية الواردة في الفقرة السابقة عليها، ويلاحظ أن أرسطو (في الفقرة 44) يلعب بالمعنيين المفهومين من كلمة النظر (ثيوريا) وهما التأمل الفلسفي من ناحية، ومشاهدة التمثيل والتفرج عليه من ناحية أخرى، وهي إشارة تفيدنا في البحث عن اشتقاق الكلمات والنظر في معانيها الأصلية التي كانت تدل عليها في السياق الاجتماعي والحضاري وحياة الناس العملية والحسية. (ب46-51) هذه الفقرات من النص هي أكثر فقرات الكتاب إثارة للخلاف بين العلماء، وقد استند «ييجر» (في كتابه المشهور عن أرسطو، برلين، 1923، ص91) إلى مثل هذه العبارات «من الطبيعة نفسها، من المبادئ الأولى ذاتها» استند إليها لتأييد رأيه في أن أرسطو يقف في كتابه هذا «البروتريبتيقوس» على أرض النظرية الأفلاطونية المعروفة عن المثل. ولعله قد استوحى نموذج المشرع - الذي يستمد معاييره وقوانينه الثابتة من الطبيعة نفسها والحقيقة من محاورة السياسي لأفلاطون (296ه-297أ)، حيث يتكلم هذا عن المعيار الدقيق لسياسة المدينة وإدارتها ويستخدم استعارة الملاح ، ولعل أرسطو أيضا قد تناول نفس الموضوع في إحدى محاورات شبابه بعنوان «السياسي»، وإن كنا لن نتحقق من ذلك أبدا بسبب ضياع هذه المحاورة التي لم يبق منها سوى شذرات ضئيلة. مهما يكن الأمر فإن أرسطو ينطلق من عبارته المشهورة «الفن محاكاة للطبيعة» ثم يرتقي معها سلم الحجج البلاغية والخطابية؛ فالمشرع أو رجل الدولة والسياسة يختلف عن أرباب المهن والصنائع في أن هؤلاء يحاكون الطبيعة، أما هو فيتلقى نماذجه من الطبيعة نفسها، أي من المشاهدة المباشرة للأحداث الطبيعية. ومن المبادئ الأولى ذاتها، أي من البدايات التي ينطلق منها الفكر، والمبادئ أو البدايات الأولى

6

مصطلح مألوف في لغة أرسطو، حدده في الطوبيقا (1-1، 100 ب18)، كما أن تعبيره «من الحقيقة ذاتها»

7

Página desconocida