Ojos del Patrimonio en las Artes de las Incursiones, Características y Biografías
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Editorial
دار القلم
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٤/١٩٩٣.
Ubicación del editor
بيروت
قَالَ حَكِيمٌ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى جِئْتُ أَبَا جَهْلٍ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ نَثَلَ [١] دِرْعًا لَهُ مِنْ جِرَابِهَا [٢]، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الْحَكَمِ، إِنَّ عُتْبَةَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِكَذَا وَكَذَا لِلَّذِي قَالَ، فَقَالَ: انتفح وَاللَّهِ سَحْرُهُ [٣]، حِينَ رَأَى مُحَمَّدا وَأَصْحَابَهُ، كَلا وَاللَّهِ لا نَرْجِعُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّد، وَمَا بِعُتْبَةَ مَا قَالَ وَلَكِنَّهُ قَدْ رَأَى أَنَّ مُحَمَّدا وَأَصْحَابَهُ أَكَلَةُ جَزُورٍ وَفِيهِمُ ابْنُهُ قَدْ تَخَوَّفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَامِرٍ الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ: هَذَا حَلِيفُكَ يُرِيدُ أن ترجع بالناس، وقد رأيت ثارك بعينك، فَقُمْ فَانْشُدْ خُفْرَتَكَ وَمَقْتَلَ أَخِيكَ، فَقَامَ عَامِرُ بن الحضرمي فاكتشف ثم صرح: وا عمراه، فَحَمِيَتِ الْحَرْبُ، وَحَقَب أَمْرُ النَّاسِ، وَاسْتَوْسَقُوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ، وَأُفْسِدَ عَلَى النَّاسِ الرَّأْيُ الَّذِي دَعَاهم إِلَيْهِ عُتْبَةُ، فَلَمَّا بَلَغَ عُتْبَةَ قَوْلُ أَبِي جَهْلٍ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سحره، قال: سيعلم مصفر استه من انفتخ سَحْرُهُ، أَنَا أَمْ هُوَ؟ ثُمَّ الْتَمَسَ عُتْبَةُ بَيْضَة لِيُدْخِلَهَا فِي رَأْسِهِ فَمَا وَجَدَ فِي الْجَيْشِ بَيْضَةً تَسَعْهُ مِنْ عِظَمِ هَامَتِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ اعْتَجَرَ عَلَى رَأْسِهِ بِبُرْدٍ لَهُ [٤] .
وَقَالَ ابْنُ عَائِذٍ وَقَالَ رِجَالٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا رَأَوْا قِلَّةَ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: غَرَّ هَؤُلاءِ دِينهُمْ، مِنْهُمْ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَذَكَرَ غَيْرَهُمْ لَمَّا تَقَالُوا رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي أَعْيُنِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ [٥] الآية، حتى نزلوا وتعبؤا لِلْقِتَالِ وَالشَّيْطَانُ مَعَهُمْ لا يُفَارِقُهُمْ.
قَالَ ابْنُ إسحق: وَقَدْ خَرَجَ الأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ، وكان رجلا شرسا سيء الْخُلُقِ، فَقَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ لأَشْرَبَنَّ مِنْ حَوْضِهِمْ أَوْ لأَهْدِمَنَّهُ، أَوْ لأَمُوتَنَّ دُونَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمَّا التقيا ضربه حمزة فأطن [٦] قدمه
[(١)] يقال: نثل الشيء نثلا أي استخرجه.
[(٢)] وعند ابن هشام: فهو يهنئها- يهيئها.
[(٣)] بمعنى: جبن، قال ابن هشام: السّحر: الرئة وما حولها مما يعلق بالحلقوم من فوق السرة، وما كانت تحت السرة فهو القصب، ومنه قوله: «رأيت عمرو بن لحي يجر قصبة في النار» قال ابن هشام: حدثني بذلك أبو عبيدة.
[(٤)] أي اعتم بثوب له.
[(٥)] سورة الأنفال: الآية ٤٩.
[(٦)] أي قطعها.
1 / 296