لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [١] . قَالَ: أَحَدُكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ مِنْ وِلادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ» [٢] .
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَنْبَأَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبْتُ للنبي ﷺ خمسمائة أُمٍّ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِنَّ سِفَاحًا وَلا شَيْئًا مِمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ،
وَرُوِّينَا مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ سِفَاحٍ» .
رَجَعَ إلى الأول: فخرج بن عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى بِهِ وُهَيْبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ سِنًّا وَشَرَفًا، فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ امْرَأَةٍ فِي قُرَيْشٍ نَسَبًا وَمَوْضِعًا، فَزَعَمُوا أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حِينَ أملكها مكانه ووقع عليها، فحلمت بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَأَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عليه ما عرضت فقال لها: مالك لَا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مَا عَرَضْتِ بِالأَمْسِ؟ فَقَالَتْ لَهُ: فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالأَمْسِ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ، وَقَدْ كَانَتْ سَمِعَتْ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ كَائِنٌ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ نَبِيٌّ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ تَزَوَّجَهَا وَعُمْرُهُ ثَلاثُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ، وَقِيلَ بَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ عَامًا.
وَتَزَوَّجَ عَبْدُ الْمُطَّلَبِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ دالة بِنْتَ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فَوَلَدَتْ لَهُ حَمْزَةَ، وَالْمُقَوّمَ، وَحجلا، وَصَفِيَّةَ أُمَّ الزُّبَيْرِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آمِنَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا، وَكَانَتْ تِلْكَ السُّنَّةُ عِنْدَهُمْ إِذَا دَخَلَ الرجل على امرأته في أهلها.
_________
[(١)] سورة التوبة: الآية ١٢٨.
[(٢)] انظر كنز العمال (١١/ ٣١٨٧١ و٣٢٠١٦ و٣٢٠١٧) .
1 / 30