الأعراب، وما يصلح الأبدان من الغذاء والحمية وشرب الدواء، ومضارّ الأطعمة ومنافعها، إلى جانب نتف من طب العرب والعجم. وهو هنا ينقل عن كتاب الحيوان للجاحظ وكتب أرسطو، ولكنه يعرض المعلومات عرض مدرك لأمور الطب عارف بها. وأخيرا كتاب النساء، وفيه الأخبار عن اختلاف النساء في أخلاقهنّ وخلقهنّ وما يختار منهنّ للنكاح وما يكره، خلا أخبار عشّاق العرب. وهكذا اختار ابن قتيبة خير ما روي فرتّبه وبوّبه وجمع ما تشابه منه تحت عنوان واحد لكل كتاب من كتبه العشرة، فظهر أديبا حسن الذوق في الإختيار يمتاز عن غيره من الأدباء في هذا الميدان، بحيث أوصل عملية الاختيار إلى مرحلة الكمال والترتيب.
ولقد ضمّن ابن قتيبة كتابه أبياتا من الشعر مشاكلة لأخباره. ويتّضح من منهجه الذي رسمه في مقدمة كتابه أنه صاحب منهاج حديث يعتمده الكثير من أدبائنا في الوقت الحاضر، ولا يؤخذ عليه سوى استطراده أو تكراره لأخبار نحن بغنى عنها.
وهذا الكتاب صدى لشخصية صاحبه، فهو أديب رفيع الذوق في انتخاب الأخبار، مثقف ثقافة واسعة، كثير الميل إلى الأدب والتاريخ. كما يعدّ كتابه مرجعا ذا فائدة كبيرة في عالم الأخبار والأدب، والمؤلّف فيه صاحب ملكة مرهفة للتعبير النثري الدقيق، مما جعله فريدا بين كتب القديم وأحد مصادر النقل الرئيسية، تأثّر به ابن عبد ربه في كتابه «العقد الفريد» كثيرا سواء في الترتيب والتبويب أو فيما جاء به من موضوعات.
ورغم أنه طبع غير مرة في غير بلد فإني رأيت أن أعنى به لما فيه من تصحيف وتحريف ونقص وزيادة، فراجعته وقابلت كثيرا من نصوصه بما يوافقها في مصادر أخرى ككتاب البيان والتبيين للجاحظ، والعقد الفريد لابن عبد ربه، والأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، والكامل في اللغة والأدب للمبّرد، والكامل في التاريخ لابن الأثير وغيرها من المصادر والمراجع. ونظرت فيه
1 / 6