قدر كتابه لسببين؛ أحدهما الحاجة إلى ذلك، والآخر أنّ الحسن إذا وصل بمثله نقص نوراهما.
صنّف كتابه أبوابا مقرنا الباب بشكله، والخبر بمثله، والكلمة بأختها ليسهل على المتعلم علمها وعلى الدارس حفظها. وهذا الكتاب حلية الأدب، ونتاج أفكار الحكماء، ولقاح عقول العلماء، وسير الملوك وآثار السّلف. قسّم المؤلف فيه الأخبار والأشعار وجمعها في عشرة كتب؛ كل كتاب بمثابة باب.
فالكتاب الأول هو كتاب السلطان، وفيه أخبار السلطان وسيرته وسياسته، إلى جانب اختياره القضاة والحجّاب والكتّاب، وفيه يكثر من النقل عن الفرس والهند مما يشير إلى تأثر الأدب العربي بأدب هؤلاء، ولكنه في موضوع القضاء لم ينقل إلّا عن أحكام العرب والمسلمين. والكتاب الثاني هو كتاب الحرب، وفيه الأخبار عن آداب الحرب ومكايدها، ووصايا الجيوش وعددها وسلاحها.
وفي الكتاب الثالث يسهب المؤلف في الحديث عن مخايل السؤود وأسبابه ويتحدث عن الذلّ والمروءة والغنى والفقر والبيع والشراء. والكتاب الرابع هو كتاب الطبائع والأخلاق المذمومة، وفيه الأخبار عن تشابه الناس في الطبائع، إلى جانب طبائع الجن والسّباع والطير والحشرات. والكتاب الخامس هو كتاب الهلم والبيان، وفيه الأخبار عن العلماء، والبيان والبلاغة والخطب والمقامات ووصف الشعر، إلّا أن المؤلّف لم يعرض للشعر بالتفصيل؛ لأنه أفرد للشعراء كتابا هو «الشعر والشعراء»، وهو إذا ذكر نتفة في هذا الكتاب، فإنما كراهية منه أن يخليه من فن من الفنون. والكتاب السادس كتاب الزّهد، وفيه أخبار الزّهّاد، ومناجاتهم ومواعظهم وذكر الدنيا والموت، ينقل فيه الكثير عن اليهود والنصارى. ثم يليه كتاب الإخوان، ويحثّ فيه على حسن اختيار الإخوان. وبعده كتاب الحوائج، ويتضمن الأخبار عن استنجاح الحوائج بالكتمان والصبر والهديّة والرشوة ولطيف الكلام. ثم الكتاب التاسع، وهو كتاب الطعام، وفيه الأخبار عن الأطعمة الطيّبة، والحلواء، وما يأكله فقراء
1 / 5