Uthman Ibn Affan: entre el califato y el reino
عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك
Géneros
ثم يقص البلاذري بعد ذلك قصة قتله في بيت ذلك الطحان.
وقد أورد الطبري قصة نيزك ويزدجرد على غير هذا النحو. كما أورد قصصا أخرى تنتهي كلها إلى مقتل يزدجرد في بيت الطحان. وخلاصة ما أورده الطبري عن قصة نيزك أن يزدجرد فر بعد وقعة نهاوند إلى أصبهان وبها يومئذ دهقان يقال له: مطيار. وكان له عند أهل أصبهان حظوة؛ لأنه قاتل العرب ونال منهم. وأراد مطيار أن يدخل يوما على يزدجرد فحجبه بوابه فعظم ذلك عليه فوثب على البواب فشجه فأدماه. ودخل البواب على يزدجرد فأفظعه منظره ورأى بعد أن عرف سبب ما نزل به أن لا مقام له بأصبهان فارتحل عنها إلى سجستان، ثم سار من سجستان إلى مرو في ألف رجل من الأساورة. وكان ماهويه دهقان مرو. ولأمر ما أراد يزدجرد أن يصرف الدهقنة عنه إلى ابن أخيه سنجان، فعمل ماهويه على هلاكه؛ لذا كتب إلى نيزك طرخان أن تكون أيديهم معا في أخذ يزدجرد وقتله ومصالحة العرب عليه. وكتب نيزك إلى يزدجرد أنه قادم إلى نصرته. وخدع قوم يزدجرد فلقي نيزك في غير سلاح ولا جند، مطمئنا إليه وواثقا به؛ فلما توسط نيزك عسكره خطب إلى يزدجرد ابنته ليقاتل معه عدوه. وغضب يزدجرد وسب نيزك فعلاه نيزك بخفقته، ففر يزدجرد حتى انتهى إلى بيت الطحان على المرغاب وهناك قتل.
وفي رواية أخرى يسوقها الطبري عن ابن إسحاق أن يزدجرد هرب من كرمان إلى مرو فسأل مرزبانها مالا فمنعه. فخاف أهل مرو أن يعدو عليهم يزدجرد بعسكره، فأرسلوا إلى الترك يستنصرونهم عليه فأخذوه فبيتوه وقتلوا أصحابه ففر يزدجرد إلى منزل الطحان على المرغاب حيث قتل.
والروايات في مقتل يزدجرد تختلف اختلافها في فراره. ولا حاجة بنا إلى تفصيل هذه الروايات في مثل إسهاب الطبري وغيره من المؤلفين. وحسبنا أن نشير إلى أن بعضها يذكر أن الطحان رأى على يزدجرد حلة فلما نام قتله، أو أنه قدم له طعاما فأكل وأتى له بشراب فسكر، فلما كان المساء أخذ منه الشراب فوضع تاجه على رأسه فعرفه الطحان فطمع فيه فقتله وأخذ جواهره وثيابه وألقاه في الماء، ثم عرف ماهويه خبره فقتل الطحان وأهل بيته وأخذ تاج كسرى وجواهره وثيابه. ويذكر البعض أن الطحان أخبر ماهويه بوجود يزدجرد عنده فعبث ماهويه عسكره، فذهبوا إلى يزدجرد فقتلوه، أو أنهم ذهبوا إليه فوجوده في النهر فأخرجوه منه فقال لهم: دعوني أصالح العرب، فأبوا عليه وقتلوه. وفي رواية أن الترك انتقموا له ووضعوا جثته في تابوت وحملوها إلى اصطخر حيث دفن. وأيما الروايات تصح فكلها تتفق على أن يزدجرد قتل بعد فراره إلى منزل ذلك الطحان، وبمقتله انتهت دولة الأكاسرة من بني ساسان.
فلم يكن ليزدجرد عقب يجتمع الناس حوله أو ينادون بأنه الوارث الشرعي للعرش. ثم إن كسرى قضى أربعا وعشرين سنة بين اعتلائه العرش، ومقتله لم يسترح إلى الملك أثناءها إلا أربع السنوات الأولى، ثم ظل من بعد ذلك عشرين سنة حسوما في فرار دائم أمام العرب الذين كانوا يطاردونه من ولاية إلى ولاية، ويضطرونه إلى مغادرة بلاده يستنصر الترك أو الصين، فلا يزجرونه إلا حين يخاف الترك أن يدهمهم العرب في عقر دارهم. أما وذلك شأنه وهذه ميتته، فأحرى بمقتله أن يسقط هيبة الملك في نفس كل فارسي، وأن يجعل أمراء الولايات يغتبط كل منهم، حين يبقى المسلمون، له سلطان كسلطانه في عهد الأكاسرة، ثم تكون الكلمة العليا للعرب في شئون الدولة العامة. والمؤرخون يذكرون أن يزدجرد اتصل بامرأة بيرو قبيل مقتله فولدت بعد أن مات غلاما ذاهب السن سمي المخدج، وأن المخدج هذا ولد له بخراسان أولاد بينهم جاريتان بعث الحجاج بن يوسف بهما أو بإحداهما إلى الوليد بن عبد الملك فكان يزيد بن الوليد الناقص من نسل إحدى الجاريتين. فطبيعي ألا يكون لهذا المخدج أو لعقبه نصير من الفرس يجمع كلمة الناس حوله.
خمدت بمقتل يزدجرد مقاومة الفرس في أرجاء المملكة جميعها، فصالح المسلمين منهم من لم يكن صالحهم، ولم يشذ عن ذلك إلا جماعة الترك من أهل بلخ، وكانوا يجاورون ولاية الباب في أقصى الشمال الغربي من أرض إيران المشاطئة لبحر الخزر. ولا عجب أن تظل هذه المنطقة من أرض فارس أكثر المناطق استعصاء على الفاتحين وأشدها ثورة بهم. فهي منطقة جبلية وعرة المسالك، وأهلها قوم ألفوا الحرب والانتقاض، فلا يسلمون طائعين وإن أحاط بهم العرب من كل جانب. ولقد أراد عبد الرحمن بن ربيعة حين بلغ أرضهم أن يقتحمها عليهم فقاوموه وقتلوه، وهزموا من كان في إمرته من المسلمين. وخشي عثمان ما ربما يكون لذلك من أثر في سائر الولايات، وأراد أن يثأر المسلمون لإخوانهم فكتب إلى سعيد بن العاص أمير الكوفة، وإلى معاوية بن أبي سفيان أمير الشام ليمد المسلمين الذين انحازوا بعد هزيمتهم إلى الباب، فسار حبيب بن مسلمة الفهري بأمر معاوية، وسلمان بن ربيعة الباهلي بأمر سعيد بن العاص إلى حيث أمرهم عثمان أن يسيروا. وانتصر المسلمون وأخذوا (فرج بلنجر) عنوة. لكن أهل الكوفة وأهل الشام اختلفوا من بعد. وكان هذا أول خلاف وقع بين جند المسلمين، والطبري ينسب خلافهم إلى أن سلمان أراد أن يتأمر على حبيب فأبى، وقال أهل الشام: ... لقد هممنا بضرب سلمان. وقال أهل الكوفة: ... إذن والله نضرب حبيبا فيكثر القتل فيكم وفينا. وفي ذلك يقول شاعر أهل الكوفة أوس بن مغراء:
إن تضربوا سلمان نضرب حبيبكم
وإن ترحلوا نحو ابن عفان نرحل
وإن تقسطوا فالثغر ثغر أميرنا
وهذا أمير في الكتائب مقبل
Página desconocida