فإن القرآن الكريم جعله الله تعالى لعبيده نعمة من نعمه عظيمة، وصيره عز وجل منة من مننه جسيمة، من اقتدى به فاز من الخطأ والخطل، ومن عمل به نجا من العثور والزلل، ومن اهتدى بهديه تنكب عن المهالك، وعز عن المخاوف في المسالك، وكان ممن إذا نطق قارن نطقه الحكمة الربانية ، وإذا استدل كانت دلالته الدلالة البرهانية ، وإذا ألف كانت تأليفاته مشحونات بالبراهين الفرقانية ،لم لاوقد جعل كلام من لا تأخذه سنة ولا نوم قبلته، وصرف إلى معرفة ما نزل الحي القيوم همته ، وجعل ذلك فريضته وسنته، الذي قال فيه صلى الله عليه وآله: [1] ((القرآن غنى لا غني دونه ولا فقر بعده)).
وعن أمير المؤمنين ................. قال عليه السلام، فقلنا: يا رسول الله ما المخرج منها ؟قال : ((كتاب الله فيه نبا ما قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبر ما بعدكم، فهو الفصل ليس بالهزل، ما تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تلتبس به الألسن، ولا تزيغ به الأهواء، ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تشبع فيه العلماء، ولا تنقضي عجايبه، وهو الذي لم تلبث الجن إذ سمعته أن قالوا: {إنا سمعنا قرأنا عجبا} من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به فقد هدى إلى صراط مستقيم، خذها إليك يا أعور)).
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ((إن هذا القرآن هو مأدبة الله في الأرض، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، أن هذا القرآن هو حبل الله المتين، والشفا النافع، وهو النور المستنير، عصمة من تمسك به، ونجاة من تبعه، لايعوج فيقوم، ولا يزيغ فينسب، ولا تنقضي عجايبه، ولا يخلو عن كشف الردة، فاقرأؤه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات له، أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف واللام والميم ثلاثون حسنة)).
Página 2