عقود العقيان
في
الناسخ والمنسوخ من القرآن
تأليف
الإمام المهدي لدين الله محمد بن المطهر بن يحيى بن الهادي .
دراسة وتحقيق وتعليق
عبد الله عبد الله أحمد الحوثي [1-2]
Página 1
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين، والحمد لله الذي جعل الذبيح عليه السلام لنا أسا، وانتخب المصطفى صلى الله عليه وآله لنا........، واختار الوصي عليه السلام لنا قنسا، وجعل طاعته سبحانه سجية لنا وتوسا، صيرنا، وله الحمد حراسا للإسلام حرسا حرسا، وأزال عنا بجوده أياما ورجسا، وبان عن أخلاقنا تعجرفا وضبسا فرد بأئمتنا -عليهم السلام- الإيمان، وكان ولى ركسا، ولم بهم شمل أولي الدين، وقد تبدد واحدسا، فأصبحوا بهم في أعناق السماء يمشون مشيا. ونحن نسألك العلم فأصبحت أرضه ذات وغشا، وأنار ..............بالحجج المنيرة، وكان لولاهم غامضا ودسا، جعلهم .............فأستضاء بالمعاني وعلموا عليها.......
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادى معلنا بها لأخرسا، واشهد أن محمدا عبده ورسوله شهادة بارزة........وأن أمير المؤمنين وصيه حقيقة لا حدسا، الذائد بنفسه عن ذاته عليهما السلام الملقي لأعدائه ....دكهم بغضبه فسيرهم برسا برسا، وفرقهم شذر مذر، ......تعسا، .................جعل الحرزقة على أوليائه وأولاهم أوسا، وفيأهم في ظله السجسج، وأفاض عليهم رغسا، صلى الله عليهما وعلى آلهما الذي ألزمه طاعته جنا وإنسا، دحرت غلوبهم فظممت وانفجرت........وجعلوا مهجهم الشريفة على دينه تعالى درية وترسا، وساقوا أعدائه في المعارك .........بالجزاز سوقا،.........وأعملوا صفحائهم في أعدائه عز وجل فقهقهروا بهم حلسا، حتى أبادوهم اختلاسا لأرواحهم وعفسا، فداست أفعالهم عن المداس فدسا، ومعست أفئدتهم خبائث النبات معسا، صلى الله عليهما وعليهم ما رفع ملاح شراعات مركبه وأرسى.
أما بعد:
Página 1
فإن القرآن الكريم جعله الله تعالى لعبيده نعمة من نعمه عظيمة، وصيره عز وجل منة من مننه جسيمة، من اقتدى به فاز من الخطأ والخطل، ومن عمل به نجا من العثور والزلل، ومن اهتدى بهديه تنكب عن المهالك، وعز عن المخاوف في المسالك، وكان ممن إذا نطق قارن نطقه الحكمة الربانية ، وإذا استدل كانت دلالته الدلالة البرهانية ، وإذا ألف كانت تأليفاته مشحونات بالبراهين الفرقانية ،لم لاوقد جعل كلام من لا تأخذه سنة ولا نوم قبلته، وصرف إلى معرفة ما نزل الحي القيوم همته ، وجعل ذلك فريضته وسنته، الذي قال فيه صلى الله عليه وآله: [1] ((القرآن غنى لا غني دونه ولا فقر بعده)).
وعن أمير المؤمنين ................. قال عليه السلام، فقلنا: يا رسول الله ما المخرج منها ؟قال : ((كتاب الله فيه نبا ما قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبر ما بعدكم، فهو الفصل ليس بالهزل، ما تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تلتبس به الألسن، ولا تزيغ به الأهواء، ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تشبع فيه العلماء، ولا تنقضي عجايبه، وهو الذي لم تلبث الجن إذ سمعته أن قالوا: {إنا سمعنا قرأنا عجبا} من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به فقد هدى إلى صراط مستقيم، خذها إليك يا أعور)).
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ((إن هذا القرآن هو مأدبة الله في الأرض، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، أن هذا القرآن هو حبل الله المتين، والشفا النافع، وهو النور المستنير، عصمة من تمسك به، ونجاة من تبعه، لايعوج فيقوم، ولا يزيغ فينسب، ولا تنقضي عجايبه، ولا يخلو عن كشف الردة، فاقرأؤه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات له، أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف واللام والميم ثلاثون حسنة)).
Página 2
وعنه صلى الله عليه وآله من حديث أبي الدرداء أنه قال: ((القرآن أفضل من كل شيئ دون الله عز وجل، فمن وقر القرآن فقد وقر الله، ومن لم يوقر القرآن فقد استخف بحرمة الله عز وجل، حرمة القرآن على الله كحرمة الوالد على ولد)).
وعنه صلى الله عليه وآله من طريق أبي أمامة أنه قال: ((من قرأ ثلث القرآن أوتي ثلث النبوة، ومن قرأ نصف القرآن فقد أوتي نصف النبوة، ومن قرآ ثلثي القرآن فقد أوتي ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن كله أوتي النبوة كلها، ثم يقال له يوم القيامة": اقرأ وأرزق بكل أية درجة حتى ينجز ما معه من القرآن، ثم يقال له:اقبض فيقبض، ثم يقال له: اقبض فيقبض، فيقال له: هل تدري ما في يدك فإذ في يده اليمين الخلد وفي الأخرى النعيم)).
وعنه صلى الله عليه وآله من طريق عائشة أنه قال: ((حملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله، الملبسون نور الله تعالى، المعلمون كلام الله، من عاداهم فقد عادى الله، ومن والاهم فقد والى الله، يقول الله عز وجل: يا حملة كتاب الله تحببوا إلى الله وإلى كتابه يزدكم حبا، ويحببكم إلى خلقه، يرفع عن مستمع القرآن شر الدنيا، ويدفع عن مستمع القرآن شر الأخرة، ولمستمع آية من كتاب الله عز وجل خير من ثبير ذهبا، ولتالي آية من كتاب الله ......العرش إلى تخوم الأرض السفلى)).
Página 3
وعنه صلى الله عليه وآله من طريق أبي سعيد الخدري أنه قال: ((إذا كان يوم القيامة وضعت منابر من نور منظومة بنور، عند كل منبر ناقة من نوق الجنة، ثم ينادي مناد: أين من حمل كتاب الله، أجلسوا على هذه المنابر فلا روع عليكم ولا حزن حتى يفرغ الله عز وجل بما بينه من العباد، فإذا افرغ الله من حساب الخلق حملوا على تلك الأنق وزفوا إلى الجنة)). [2] وعنه صلى الله عليه وآله من طريق سليك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ((من قرأ القرآن نظرا خفف الله عن أبويه العذاب وإن كانا مشركين، ومن قرأ القرآن ظاهرا فظن أن لن يغفر له فهو بكتاب الله من المستهزئين، ولحامل كتاب الله في بيت مال المسلمين في كل سنة مائتا دينار، وإن مات وعليه دين قضاه الله عز وجل يوم القيامة من ذلك المال)).
وعنه صلى الله عليه وآله من طريق عبد الله بن يزيد عن أبيه أنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله فسمعته يقول: ((أن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة كالرجل الشاحب، فيقول: هل تعرفني؟
فيقول: ما أعرفك.
فيقول له: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وأن كل تاجر من وراء تجارته، أنك اليوم من وراء كل تجارة.
قال: فيعطي الملك بيمينه والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسي والداه حلتين، لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان: بما كسينا هذا؟ فيقال لهما: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال له: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرا هذا أوترتيلا)).
وعنه صلى الله عليه وآله من طريق معاذ بن جبل أنه قال: كنت في بيت حمزة معه صلى الله عليه وآله، فقلت: يا رسول الله حدثنا بحديث ننتفع به؟
فقال: ((إن أردتم عيش السعداء وموت الشهداء، والنجاة يوم الحشر، والظل يوم الحرور، والهدى من الضلالة، فادرسوا القرآن فإنه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان.
وعنه صلى الله عليه وآله من طريق الإمام زيد بن علي -عليه السلام- أنه قال: ((الماهر في القرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن يتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران، فارعوا القرآن رحمكم الله حق رعايته، واتلوه حق تلاوته، ولا تعرضوا إلى السادات والكبراء فيحاجكم القرآن، فإنه شافع مشفع، ........مصدق)).
Página 4
ومن طريق الإمام زيد بن علي عليه السلام، عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: ((سيكون بعدي أحاديث وفتن يلتبس فيها الأمور التباسا، قيل: فما المخرج يا رسول الله؟
قال: ((كتاب الله فيه نبأ ماكان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، وهو ذكر الله الحكيم، وهو الذي سمعته الجن لم تنته دون أن قالت: {إنا سمعنا قرآنا عجبا}، من قال به صدق، ومن عمل أجر، ومن تمسك به هدى إلى صراط مستقيم.
وروينا من طريق أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: أن أحق الناس بالصلاة الكثيرة في السر والعلانية حامل القرآن، وأن أحق الناس بالخشوع الكثير في السر والعلانية حامل القرآن، وأن أحق الناس بالصوم الكثير في السر والعلانية حامل القرآن، وينبغي لحامل القرآن أن يعرف في ليله إذا الناس نايمون، وفي نهاره إذا الناس يتبطلون، وفي بكائه إذ الناس يضحكون، وفي حزنه إذا الناس يفرحون، وفي صمته إذ الناس يخلطون [3] يا حامل القرآن تواضع لله يرفعك، ولا........ الله وتزين لله بزينك الله، ولا تتزين للناس فيمقتك الله، الله عز وجل أفضل من كل شيء، هو ......الله، فمن وقر القرآن فقد وقر الله، ومن استخف بالقرآن فقد استخف بحق الله، وحرمة القرآن عند الله كحرمة الوالد على ولده، وحملة القرآن يدعون في ...... المخصوصون برحمة الله، الملبسون نور الله، المعلمون كتاب الله، من والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله، يدفع الله عن مستمع القرآن بلوى الدنيا، ويدفع عن تالي القرآن بلوى الأخرة، ويقول القرآن: يا بن آدم اتبعني أكلؤك من إبليس وجنوده، أما ...... فلا أرى خيرا إلا صرفته إليك، ولا أرى شرا إلا صرفته عنك، وأنك أن اتبعتني أخذتك حتى أدخلك الجنة، وأنك أن تدعني لأدعنك حتى أنزل بك القارعة، فادفع بك حدا من حدود الله عز وجل)).
Página 5
وعن أمير المؤمنين عليه السلام من طريق جعفر عليه السلام أنه قال: ((سيأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا يبقى من القرآن إلا اسمه، مساجدهم يومئذ عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شر من تحت أديم السماء، من عندهم تخرج الفتنة، وإليهم تعود، نقمين.......أن بفوز في آخرته ودنياه، ......النجاة من كل مهواة، أن يقبض عليه الأنوار اللأهويته، مولاه هذا من قبله عرفانا محكمه ومتشابهه، وأوامره ونواهيه، وعمومه وخصوصه، وحرامه وجزئه، وقصصه وأمثاله، ومجمله ومبنيه، وناسخه ومنسوخه، فأما من شأنه بالشفاء رديناه رد أخره أولا بجهالته ........، وكان كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام حيث مر بقاض يقض، قال: هل تعلم الناسخ والمنسوخ؟
قال: لا.
قال: هلكت وأهلكت.
وعنه عليه السلام أنه مر أيضا بقاض يقض، فقال عليه السلام: أيها القاضي هل علمت ناسخ القرآن من منسوخه، وحلاله من حرامه؟
قال: لا، فضربه بالدرة، ثم قال: هلكت وأهلكت.
وعنه عليه السلام أنه دخل ذات يوم مسجد الكوفة فرأى فيه رجلا يعرف بعبد الرحمن بن .... وكان صاحبا لأبي موسى الأشعري، وقد علق عليه الناس يسألونه وهو يخلط الأمر بالنهي........ بالحضر، قال: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟
قال: لا.
قال: هلكت، وأهلكت، أبو من أنت؟
قال: أبو يحيى.
قال: بل انت أبو أعرفوني. وأخذ بأذنه ففتلها، وقال: لا تقض في مسجدنا بعده.
وعنه عليه السلام أنه قال: ((لا يفتي الناس إلا من قرأ القرآن، وعلم الناسخ والمنسوخ، وفقه السنة، وعلم الفرائض والمواريث.
وعنه عليه السلام أنه قال: ((نزل القرآن على أربعة أرباع: ربع حلال، وربع حرام، وربع مواعظ وأمثال، وربع قصص وأخبار.
Página 6
وعن محمد بن عجلان ومكحول، عن محمد بن المنكدر أنهما قالا: بينا عمر بن الخطاب معه درته إذ رأى جماعة فسأل عنها، فقيل له: قاض قد اجتمع عليه الناس فنفذ عمر فقال له: ويحك هل عرفت ناسخ القرآن من منسوخه، وحلاله من حرامه ؟
فقال: لا، فضربه بالدرة، ثم قال له: قم هلكت وأهلكت.
وعن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس أنه قال: في القرآن مائة أية [4] لا ...............يسع المؤمنون تركهن.
وعن عبد الله بن عمر نحو ما قاله أبوه.
وقال حذيفة بن اليمان: لا يقض على الناس إلا ثلاثة: أميرا، ومأمورا، ورجل عرف الناسخ والمنسوخ، والرابع أحمق متكلف.
قلت: ولا ريب في هلاكه إذ هو يحلل حرامه ويحرم حلاله، ويجعل المحكم متشابها والمتشابه محكما، فسر القرآن بجهالته فخبط فيه خبط العشواء، وركب الجهالة فسار في معانيه سير النوكى.
روينا عن بعض السلف أن تفسير قوله تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خير كثيرا} ذلك معرفة القرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه.
روينا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:((إن الله تعالى لم ينزل حرفا من القرآن إلا وهو يحب أن يعرف تأويله كما يحب أن يحفظ تنزيله أو كما قال)).
وروينا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ما أنزل الله في القرآن آية إلا أحب أن يعلم العبلد منها ما يعني بها...........جعل صلى الله عليه وآله المقاتلة على التأويل كالمقاتلة على التنزيل، وكان طلب منا بعض الأخوان كثرهم الله تعالى في طاعته جمع ما ذكره الفقيه العلامة هبة الله أبو القاسم في مختصره في الناسخ والمنسو بأبيات لتكون أقرب إلى الضبط لها والرسوخ، فجمعناها مساعدة له من قصد منا تمييزا بين الصحيح والسقيم وإيضاح شيء من الأقوال من الثبت منها والقويم.
Página 7
ورأينا بعد ذلك أن نذكر ما صح عندنا فيها من النظر والسماع، وترقي الناظر فيها كم حضيض التقليد إلى اليناع، فضمدنا تصحيح ذلك تصحيح السماع على حي سيدي ووالدي أمير المؤمنين جعل الله عز وجل روحه الشريف في أشرف البقاع، وما سمعناه عن غيره من العلماء من أهل البيت عليهم السلام وعلماء شيعتهم الكرام، وجعلناه على طريق أبي القسم ليكون وفق الأبيات للمرتاد .................، وجعلناه فصلين وقسمناه قسمين:
الأول: في تواريخ السور وعدد آياتها وكلماتها وحروفها، والإشارة إلى تفاصل الآي الشريفة، وفصل كل سورة من السور.
والثاني: في الناسخ والمنسوخ بعد تقويم الصعر وإن كان الأئمة عليهم السلام لم ينبذو ذكر ظهريا ،ولا تركوا المختلف فيه شيئا قربا بيد أن أكثرهم ذكره منهمكا في ما ألقوه من التفاسير، فأضحى على زايد الآية العبء العسير، ولم اخل جل ما ذكرته من الآيات المنسوخات من ذكر شيئ من معناها، وكشف غشاها عن وجهها لشيم شابها، ولربما أفكر في شيئ منها سبب النزول وأنصب بكل ربع آية للغاشم الجهول ووسمته ب(عقود العقبان في الناسخ والمنسوخ من القرآن)، وهذا حين الإبتداء فيه، ومن المسدى للنعم التوام، والمولي للمنن الجسام بلوغ المرام وإليه أرغب في الإعانة في المبدأ والتمام.
فحسبي الله ونعم الوكيل، ونعم المولى ونعم الكفيل [5].
قلت: حمدت إله العرش ذا المن والفضل، وشكرا على الإحسان .......الحمد هاهنا الشكر أن كان بإزائه نعمة ولولم يكن بإزئه نعمة كان من المدح، يقال : حديث الرجل أحمده حمدا ومحمدة فهو حميد ومحمود، والفرق بين الحمد والشكر أن الشكر لا يعود إلى نعمه والحمد على نعمه وغيرها، الإله المفزع على أخذ التأويلات، وله موضع يأتي بيانه..... إن شاء الله تعالى العرش سرير الملك: قال الشاعر :
به أدركتما عبسا وقد ثل عرشها
وذبيان أدولت بإقدامها الفعل
يقال: ثل عرش فلان أي ذهب عرشه، ووهي......
Página 8
فأما عرش الرحمن جل وعلا فقد خلقه الله تعالى رايعا عظيما.
قال الإمام علي بن الحسين عليه السلام: أن الله عز وجل خلق العرش رائعا لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء: الهواء والقلم والنور، ثم خلق العرش من أنوار مختلفة من ذلك نور أخضر منه أخضرت الخضرة ونور أصفر منه الصفرت الصفرة، ونور أحمر منه احمرت الحمرة، ونور أبيض منه ابيضت .........وهو نور الأنوار، ومنه ضوء النهار، ثم جعله تسعين ألف ألف طبق ليس من ذلك طبق إلا يسبح الله بحمده ويقدسه بأصوات مختلفة لوأذن للسان أن يسمع لهدت الجبال والقصور وخسفت النجوم.
وروينا عن أبي إسحاق في صفة العرش أنه روى عن لقمان بن عامر عن أبيه بأن الله عز وجل خلق العرش من جوهرة خضراء للعرش ألف ألف وست مائة ألف رأس في الرأس ألف ألف وجه وستمائة ألف وجه، الواجه الواحد كطباق الدنيا ألف ألف مرة وستمائة ألف مرة، في الوجه ألف ألف لسان وستمائة ألف لسان تسبح بألف ألف لغة، خلق الله لكل لغة في ملكوته تسبحه وتقدسه بتلك اللغة.
وعنه عن جعفر الصادق بن محمد الباقر عن أبيه عن جده زين العابدين عن جده الإمام الشهيد عن جده أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قال: بين القايمة من قوايم العرش والقائمة الثانية خفقان الطير المسرعة ثمانين ألف عام، والعرش يكسى كل يوم سبعين ألف حلة لون من النور لا تستطيع النظر إليه خلق من خلق الله، والأشياء كلها في جنب العرش كحلقة في فلاة، وإن لله ملكا يقال له: جوفابيل له ثمانية عشر جناحا مسيرة خمسمائة عام اوحي الله إليه أيها الملك طر فطار مقدار عشرين ألف سنة لم ينل رأس قائمة من قوائم العرش، ثم ضاعف الله في الجناح والقوة ثم أمره يطير فطار مقدار ثلاثين الف سنة فلم ينل إليها فأوحى الله تعالى إليه أيها الملك لو طرت إلى النفخ في الصور في أجنحتك وقوتك لم تبلغ ساق عرشي، فقال الملك سبحان ربي الأعلا.
Página 9
قال أبو إسحاق: أخبرناه باقر بن راقم بن محمد بن عبد الجبار بن محمد بن عبد الله بن شاذان عن الحسين بن زيدك، عن موسى بن إسماعيل الجبلي عن ميسرة عن عبد ربه عن جعفر بن محمد.
وبه عنه عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: أن العرش أخوف الخلق من الله وأن بعض [6] الألسين لتنطبق بهذه الكلمات: أعوذ بالله من غضب الله، أو أعوذ بالله من سخط الله أعوذ بالله من نقمة الله/ اعوذ بالله من كيد الله.
قال أبو إسحاق أخبرني باقل بن أرقم قال: ثنا محمد بن عبد الله ثنا الحسين بن زيد، نا موسى بن إسماعيل نا مسرة بن عبد ربه، عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليه السلام قال: أن الله تعالى لما نظر إلى الجوهرة جمدت فصارت جوهرة حمراء نظر إليها ثانية فذابت وارتعدت من خوف ربها، ثم نظر الثالثة فصارت ماء، ثم نظر إليها الرابعة فجمد، فخلق الله من النصف العرش ومن النصف الماء، ثم تركها على حالها فهي ترعد إلى يوم القيامة.
وعن أبي إسحاق قال: راويا عن كعب الأحبار: أنه لما خلق الله العرش قال: لن يخلق الله خلقا أعظم مني، فطوقه بحية ........للحية سبعون ألف جناح، للجناح سبعون ألف ريشة في كل ريشة سبعون ألف وجه، في كل وجه سبعون ألف لسان يخرج من أفواهها كل يوم من التسبيح عدد قطر الماء وورق الشجر وعدد الحصى والثرى وعدد أيام الدنيا وعدد الملائكة اجمعين، فالتوت الحية بالعرش، فالعرش إلى نصف الحية.
وعنه قال رسول الله: ((رأيت ليلة اسري بي في علم ساق العرش الأيمن مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به))، قال رواه سعيد بن جبير عن أبي الحمراء خادم النبي صلى الله عليه وآله أن قيل أنكم وصفتم خلقا عظيما، وقد قال عز وجل: {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}.
قلت: الثمانية الحاملون لم يحك تعالى من هم ولاكم، وهل هم ألوف أو أحاد أوصفوف.
Página 10
وقد روينا من طريق أبي إسحاق قال: أنبأني ابن فنجويه ثنا مخلد بن جعفر ثنا الحسن بن علويه ثنا إسماعيل بن موسى ثنا إسحاق أخبرني مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال: لما خلق الله تعالى حملة العرش قال لهم: أحملوا عرشي فلم يطيقوا فخلق مع كل ملك منهم من أعوانهم مثل جنود من في سبع سموات من الملائكة فقال: أحملوا عرشي فلم يطيقوا فخلق مع كل ملك منهم من أعوانهم مثل جنود من في سبع سموات من الملائكة فقال: احملوا عرشي فلم يطيقوا، فخلق مع كل ملك منهم من أعوانهم مثل جنود من في سبع سماوات وسبع أرضين وا في الأرض من عدد الحصى والثرى، وقال: احملوا عرشي فلم يطيقوا فقال: قولوا لاحول ولا قوة إلا بالله فلما قالوا: لا حول ولا قوة إلا بالله استقلوا عرش ربنا.
قال: فنفذت أقدامهم في الأرض السابعة على متن الثرى فلم يستقر، فكتب في قدم كل ملك إسما من أسمائه فاستقرت اقدامهم .
روينا عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: قال رسول الله [7]صلى الله عليه وآله: ((لا تتفكروا في عظمة ربكم ولكن تفكروا فيما خلق من ........وأن خلقا من الملائكة يقال له: إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله، وقدماه في الأرض السفلى وقد مرق رأسه من سبع سموات وأنه ليتضآءل من عظمة الله يصير كالوصع.
فائدة : الوصع: طاير أصغر من العصفور.
وروينا من طريق أبي إسحاق راويا عن أبيي نوسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر به عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ((إذن لي أن أتحدث عن ملك من الملائكة من حملة العرش ما بين أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مائة عام.
Página 11
فصل روينا عن أبي إسحاق قال: قال وهب بن منبه: حول العرش سبعون أف صف من الملائكة عليهم السلام صف خلف صف يدورون حول العرش يطوفون به فيقبل هولاء ويدبر هؤلاء، فإذا استقبل هؤلاء هؤلاء، هلك هؤلاء وكثر هؤلاء، ومن ورائهم سبعون الف صف قياما أيديهم إلى أعناقهم، .....وضعوها على عواتقهم، فإذا سمعوا تكبري أولئك وتهليلهم رفعوا أصواتهم فقالوا: سبحانك وبحمدك ما أعظمك وأحلمك، أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأكبر الأكبر، الخلق كلهم لك راجون، ومن وراء هؤلاء مائة ألف صف من الملائكة قد وضعوا اليمنى على اليسرى، ليس منهم أحد إلا وهو يسبح بتحميد لا يسبحه الأخر ما بين دجناح أحدهم مسيرة ثلاثمائة عام، وما بين شحمة أذنه إلى عاتقه أربعمائة عام إلى ان قال: ولكل واحد من حملة العرش ومن حوله أربعة أجنحة، أما جناحان فعلى وجهه مخافة أن ينظر العرش فيصعق، وأما جناحان فيهفوا بهما ليس لمسلم كلام إلا التسبيح والتحميد والتكبير والتمجيد.
وعنه قال: قال: يزيد الرقاشي: إن الله وملائكته حول العرش يسمون المجلين تجري أعينهم مثل الأنهار إلى يوم القيامة كأنها تنفضهم الرياح من خشية الله تعالى فيقول لهم الرب جل جلاله: يا ملائكتي ما الذي يخيفكم؟ فيقولون: يا ربنا لو أن أهل الأرض اطلعوا من عزتك وعظمتك على ما اطلعنا عليه ما اساغوا طعاما، ولا شرابا، ولا انبسطوا في فرشهم.
أن قيل: فهل فرق بين الكرسي والعرش؟
قلت: قد قيل أنهما شيئ واحد وهو قول الحسن البصري والذي أكد أن العرش يخالف الكرسي فالعرش الذي وصفناه آنفا والكرسي مختلف فيه، فذكر بن عباس أن الكرسي العلم، وهو الذي اختاره الإمام الهادي عليه السلام، وبالغ في نصرته اشد المبالغة بما يضيق عنه هذا المجموع، وهو قول سعيد بن جبي ومجاهد وقالوا: أن العلماء يسمون الكراسي قال الشاعر:
تحف بهم بيض الوجوه وعصبة
كراسي بالأحداث حين تنوب
والذي عندي أن الكرسي خلق غير العلم.
Página 12
روينا عن أمير المؤمنين عليه السلام: أن الكرسي خلق من خلق الله تعالى [8 ] ............ قوايم، كل قائمة من الكرسي طولها مثل السموات السبع والأرضين السبع، وهو بين يدي العرش ويحمل الكرسي أربعة أملاك لكل ملك أربعة وجوه أقدامهم في الصخرة التي تحت الأرض السابعة السفلى، مسيرة خمسمائة عام، ملك على صورة سيد البشر أدم عليه السلام وهو يسال الله تعالى للآدميين الرزق والمطر من السنة إلى السنة، وملك على صورة سيد السباع وهو الأسد سأل الرزق للسباع من السنة إلى السنة، وملك على صورة سيد الأنعام، وهو الثور وهو يسأل الله تعالى للأنعام الرزق من السنة إلى السنة، وعلى وجهه عصابة منذ عبد العجل من دون الله، وملك على صورة سيد الطير وهو النسر يسأل الله تعالى الرزق للطير من السنة إلى السنة.
وروينا من طريق أبي ذرعن النبي صلى الله عليه وآله أن سأله أي آية أنزل الله عليك أعظم؟
قال: ((آية الكرسي)) ثم قال:(( يا أبا ذر ما السموات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة)).
ومما يؤكد ما روينا أن وفد بني تميم وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقصتهم تأتي في الحجرات إن شاء الله تعالى مختصرة إلا أن المقصود أمر ثابت بن قيس بن الشماس أن يخطب لما خطب خطيبهم، وهو عطارد بن حاجب فقام ثابت فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه، مضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه ولم يكن شي قط إلا من فضله، ووجه الإستدلال بما حكيناه من خطبته أنه اثبت كرسيه غير العلم بمحضر من النبي صلى الله عله وآله وعلم منه.
وقد روينا أن في بعض الأثار بين حملة العرش وحملة الكرسي سبعين حجابا من ظلمة، وسبعين حجابا من نور غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة سنة، لو لا ذلك لاحترقت حملة الكرسي من نور حملة العرش، وفي البحث أنظار تدق وتطول .
Página 13
ذا المن أي صاحب المن أتى به توصلا إلى الوصف بالمصدر يقال زيد ذو علم وهند ذات جمال، أصله ذو قلبت الواو الف الإستقبال اجتماع الأمثال.
المن: العطاء والأنعام، يقال من عليه منا إذا أعطاه وأنعم عليه.
الفضل: الإفضال وهو الأحسان، يقال: رجل مفضال وامرأة مفضالة على قومها إذا كانت ذات إسان عليهم.
الثناء الحسن المحسين بما أولى من الإحسان، وقد أسلفت أن الحمد أعم من الشكر، وهو يتعدى تارة بنفسه وأخرة بحرف جر.
علا: العلل الشرب الثاين والنهل الشرب الأول، يقال: عله يعله بضم عين لفظه وكسرها لغتان، ويقال في النهل: نهل بفتح الفاء وكسر العين ليس إلا بدئ بذكر الله تعالى جريا على عادما نبه الله من ابتدائه الكتاب الكريم بالفاتحة.
قد وروينا أنه عز وجل أرأد أن يعلم عبيده أنهم يكونون يبدأون إذا أرادوا تأليفا لكتاب أو آخر [9 ]في خطبة أو رسالة أو غير ذلك فحمد الله وامتثالا لما أمر النبي صلى الله عليه وآله فإنا روينا أنه صلى الله عليه وآله قال: ((كل أمر لايبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر يريد أقطع البركة)).
فإن قيل: فقد رأينا كثيرا من المصنفات لا يبدأ فيها بذكر الله تعالى.
قلت: اكتفى باسم الله الرحمن الرحيم وحسبك ذلك بركة.
وصلى الله اإله لخلق في كل آونة على أحمد المختار في البعد والقبل.
الصلاة: الدعاء، قال الشاعر:
وصل على دنها وابتسم
الخلق: هم الخلائق، والخليقة والخلق في الأصل مصدر.
أوانه: جمع آوان، وهو الحين نحو زمان وأزمنة، والساعة الوقت الحاضر ويجمع على ساع وساعات قال الشاعر:
وكنا كالحريق لدى كفاح
Página 14
فتخبو ساعة وتهب ساعا أحمد :من أسماء النبي صلى الله عليه وآله، قال تعالى{ومبشر برسول يأتي من بعدي إسمه احمد} وليس الإسم منصرف للعلمية والزنة، وله صلى الله عليه وآله إسماء هو: محمد وأحمد والماحي والحاشر والقانت والمقفي والشاهد والبشير والنذير والمتوكل والفاتح والأمين والرسول والنبي والأفتى والمصطفى والضحوك والقتال ونبي الرحمة ونبي الملاحم وابو القاسم وغير ذلك من أسمائه الشريفة.
المختار: المنتخب.
روينا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه رأى فاطمة عليها السلام تبكي فقال لها: ((ما يبكيك يا فاطمة))؟
قالت: عيرنني نساء قريش، وقلن: زوجك أبوك مقدما لا شي له.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: ((مهلا وإياي أن اسمع هذا منك فإني لم أزوجك حتى زوجك الله من فوق عرشه، وشهد على ذلك جبريل وإسرافيل، وأن الله أطلع على أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيا، ثم أطلع على أهل الدنيا الثانية فاختار من الخلائق عليا فأوحي إلي فزوجتك إياه، واتخذته وصيا ووزيرا الخير فيه)).
طول البعد والقبل: إسمان ظرفان في طرفي نقيض، وهما مبنيان لفظهما عن الإضافة؛ لأن البعدية والقبلية لا بد من أن يكونا مضافين إلى شيء وإن لم تبق الإضافة جاز الإعراب، وقد قرئ من قبل ومن بعد منكر منونا، وإن أضيفا اعربا إذ المانع لم يكن إلا القطع عن الإضافة أو تضمنهما معنى الحرف وهو اللام، قال تعالى:{من قبل أن يأتي أحدكم الموت} وأعربا في البيت لخروجهما محرج الإسمين المتمكنين.
قلت:
كذاك أمير المؤمنين شقيقه
فيبيدا أولي الإجرام بالصيلم النصل
أمير المؤمنين عليه السلام هو: علي بن ابي طالب، والدليل على إمامته عليه السلام للكتاب الكريم والسنة المعلومة، والإجماع والمجموع موضوع لغير ذلك، وهو يضيق عن ذلك، وقد اشرت إلى طرف من ذلك في الكواكب الدرية، وأرجو به من الله تعالى النفع الأخروي.
Página 15
الشقيق: الأخ يقال: زيد شقيق عمرو أي أخوه كأنهما شقا نصفين، فكل واحد شقيق الأخر قال الشاعر:
يا بن أمي ويا شقيق نفسي
أنت خليفتي لأمر شديد
الإبادة: التفريق، يقال: تبدد الناس إذا تفرقوا، يقال بده يبده بدا بمعنى.
الإجرام: جمع جرم وهو [10 ]الذنب، يقال جرم واجترم وأجرم كله بمعنى .
الصيلم: السيف سمي به تشبها له بالداهية لأنها تسمى صيلما قال الشاعر:
غضب تميم أن يقتل عامر
يوم النساء فاعبوا بالصيلم
النصل: السيف والجمع نصول ونصال والنصل -بضم العين وفتحها- السيف.
قلت:
وآلهما أهل ازرجاجة والتمني
وأهل التقى والجود والعقد والحل
الآل في اللغة: الأشياع والأتباع وهو هاهنا أهلهما صلى الله عليهما وعلى الطيبين من أهلهما فهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وآله حين جللهم بكساء فدكي: ((اللهم إن هؤلاء أهل مني فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)).
وروينا عنه صلى الله عليه وآله أنه قيل له: من أهل بيتك الذين أمرنا بمودتهم فقال صلى الله عليه وآله: ((علي وفاطمة والحسن والحسين وابناؤهما)) وقد اشرنا إلى طرف من ذلك في الكواكب وغيرها مما وضعناه، والحمد لله تعالى واصل الآل والأهل، ولهذا إذا صغر قيل: أهيل أهل عطف بيان.
Página 16
الرجاحة: الحلم والإناة يقال: قوم مراجيح إذا كانوا ذوي حلم وإناة.
النهي: العقول لما كانت تنهى عن القبيح.
التقى: الخوف لله تعالى وهو والتقوى بمعنى، قال الشاعر:
ومن يتق فإن الله معه
ورزق الله ...... وغادي
العقد والحل: معروفان يقال: عقدت الخيط والحبل فانعقد قال الله تعالى {النفاثات في العقد} لأن الساحر حين نفث يعقد، ويقال: حللت العقدة أحلها إحلالا إذا فتحتها فانفتحت.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله لما سحر أنزل الله سبحانه المعوذتين فكان كلما قرأ صلى الله عليه وآله أية انحلت عنه عقدة على ما أتى بالإشارة إليه إن شاء الله تعالى.
قلت:
هداة جميع الناس شرقا ومغربا
وقدوتهم في الدين بالقول والفعل
الهادي: الدليل، والهداية: الرشاد، يقال هديته الطريق والمسجد أي دللته هذه لغة أهل الحجاز وغيرهم، نقول: هديته إلى الطريق وإلى المسجد، حكى ذلك الأخفش.
Página 16
الناس: معروف وفيه كلام تأتي الإشارة إليه إنشاء الله تعالى.
مشرقا ومغربا: موضعا الشروق والغروبن نصبا بالظرفية.
القدوة: الذي تقتدي به، يقال فلان قدوة بكسر الفا وضمها، والعين مسكنة فهيما وبكسر الفاء وفتح العين واللام كله يمعنى واحد.
الدين: الطاعة وهو يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
لما بدأ بحمد الله تعالى ثنى بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وآله؛ لأن الله تعالى قال {ورفعنا لك ذكرك} ورد في التفسير أنه لا يذكر الله تعالى إلا وذكر رسول الله صلى الله عليه وآله مقرونا به كالشهادتين في الأذانين [11]وفي التشهد في الصلاة وإنما صلى عليه في البيت تقربا إلى الله تعالى بالصلاة عليه.
ولما روينا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ((البخيل من ذكرت عنده ولم يصلي علي)) وقد قال الله تعالى: {صلوا عليه وسلموا تسليما} وهذا أمرا لاأن الصلاة عليه صلى الله عليه وآله، تقسمه إلى واجب ومحضور ومندوب.
الواجب: الصلوات الخمس وإذا تشهد وإذا أتهم أنه لا يصلي عليه صلى الله عليه وآله.
والمحضور إذا كان المصلي في الخشوع كاشفا عن عورته.
فقد روينا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ((لا يخرج الرجلان يضربان الغايط كاشفين عن عوارتهما يتحدثان فإن الله تعالى ليمقت على ذلك)).
فايدة: يقال مقته مقتا بمعنى أبغضه فهو مقيت وممقوت عندنا ومندوب فيما سوى ذلك قرن به صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام تقربا أيضا.
Página 17
روينا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ((ذكر علي عبادة)) والأخبار الدالة على الصلاة على أمير المؤمنين عليه السلام كثيرة وذكرها هاهنا تخرجنا عن الغرض والمقصود، وسماه شقيقا له صلى الله عليهما لما روينا أن النبي صلى الله عليه وآله لما قدم المدينة اخا بين أصحابه ليذهب عنهم وحشة الغربة، ويؤنسهم من مفارقة الأهل والوطن والعشيرة والسكن وليشد بعضهم إزر بعض، ولم يذكر لأمير المؤمنين عليه السلام أخا فأتى النبي صلى الله عله وآله وسلم وهو مغضب حين لم يؤاخي بينه وبين أحد، فقال: ((يا علي أنت أخي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي أما علمت يا علي أن اقل من يدعي به يوم القيامة يدعى بي فاقوم من عن يميني العرش في ظله فأكسى حلة خضرا من حلل الجنة ثم يدعى بالنبيين بعضهم على بعض فيكونوا سماطين عن يمين العرش يكسون حلالا خضرا من حلل الجنة وأني أخبرك يا علي أن امتي أولا الأمم يحاسبون ثم إنه أول من يدعى بك لقرابتك مني ومنزلتك عندي وتدفع إليك لواي فهو لواء الحمد فتسير به بين السماطين أدم عليه السلام وجميع خلق الله يستظلون بظل لوائي يوم القيامة طوله مسيرة ألف سنة سنانه ياقوتة حمراء قصته من قصة بيضاء درته درة خضراء له ثلث دوابة من نور دوابة في المشرق ودوابة في المغرب والثالثة وسط الدنيا والسماء مكتوب عليه محمد رسول الله كل سطر مسيرة ألف سنة وعرضه مسيرة ألف سنة وتسير باللواء والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بين يدي إبراهيم في ظل العرش ثم تكسا حلة خضراء من حلل الجنة ثم ينادي مناد من تحت العرش نعم الأب أبوك إبراهيم نعم الأخ أخوي علي البشر يا علي إنك تكسى إذا كسيت وتدعا إذا دعيت ولو رمت أن اذكر الإشارة الشاهدة بالإخوة له من النبي صلى الله عليه وآله لاستفرقت تواعد كثيرة ولحجبت مما أنا فيه . وثلث باللهم أصلي عليهما وعلى آلهما امتثالا لما أمر النبي صلى الله عليه وآله فإنه قال "لا تصلوا علي الصلاة البترا قيل يا رسول الله وما الصلاة البترا قال أن تصلوا علي ولا يذكر آلي".
وروينا أنه لما سئل كيف تصلون قال قولوا: ((اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وتمنن على محمد وعلى آل محمد كما تمننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وسلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد))، ووصفهم بأنهم أهل الزجاجة والتمني إلى أخو الأوصاف وذلك قليل من أوصافهم إذ هم شهداء الرحمن ومترجمو القرآن وقرناء الفرقان هم النمرقة الوسطى والدرجة العلياء الذين أوجب الله تعالى على عبيده مودتهم والزمهم محبتهم فقال تعالى ويقدس:{قل لا اسئلكم عليه اجر إلا المودة في القربى}( ).
قد روينا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قبل له من قرابتك الذين أمرنا بمودتهم قال علي وفاطمة والحسن والحسين وأبنائهما .
وروينا في قوله تعالى:{الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر به أن يوصل} إنهم لمرادون ما أمر تعالى بصلته.
وروينا في قوله تعالى :{ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا}( ).
قال: المودة في آل الرسول.
وروينا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يزل قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما ابلاه وعن ماله فيما أنفقه ومن اين اكتسبه . وعن حبنا أله البيت عليهم السلام والأثار فيهم جمة والأخبار كثيرة "وقد أوردت طرفا من ذلك في الكواكب الدرية وفي الشذور الذهبيات والحمد لله تعالى . حول هداة جمعوا الناس شرقا وغربا إلى أجر أهل البيت يريد أنهم السفينة للراكب وتابوت السكينة للطالب ، هم النجاة وكهف السلامة وماء الحياة [ ].
Página 19