قال إبان بن عثمان: إذا كان الأمر على ذلك. فمن عاد صالح له بهذا الاسم يعني عشرة جلدته بكذا وكذا سوطًا.
سابق
قال أبو هاشم إسرائيل بن محمد القاضي: كان بالمهرجان معتوه يقال له: سابق، وكان متوحشًا مأواه الخرابات والمقابر والغياض. وكنت أحب أن أراه وأُكلمه، فأتيته يومًا بالمقابر وقد وضع رأسه على قبر، فلم يشعر بي حتى سلمت عليه. فقال: وعليكم السلام. ثم هبته، فرفع رأسه إلي وقال لي: يا إسرائيل! خف الله خوفًا لا يشغلك عن الرجاء. فإنك إن ألزمت قلبك الرجاء يشغلك عن الخوف. وفر إلى الله، ولا تفر منه، فإنه يدركك ولن تعجزه، ولا تطع المخلوق في معصية الخالق. واعلم أن لله يومًا تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء. ثم قام فدخل الخرابات. فعدت إليه بعد شهر، فلما أبصرني هرب، فقلت له يا سابق لا أعود إليك بعدها، فوقف فقلت: علمني كلمات أدعو بهن. فقال: أفضل الأعمال ما أُكرهت عليه النفوس، ثم قال: قل اللهم اجعل نظري عبرة، وسكوني فكرة، وكلامي ذكرًا. ثم تخطى حائطًا من الخراب ومضى.
قال خلف بن سالم: قلت لو يومًا يا أبا علي ألك مأوى؟ قال نعم: قلت فأين هو؟ قال دار يستوي فيها العزيز والذليل. قلت وأين هذه الدار؟ قال المقابر. قلت له: يا أبا علي أما تستوحش في ظلمة الليل ووحشته؟ قال: إني أذكر ظلمة اللحد ووحشته، فيهون علي ظلمة الليل ووحشته. فقلت له: فهل ترى في المقابر شيئًا تكرهه؟ قال: أرى، ولكن في هول ما يشغل عن هول المقابر أعاذنا الله تعالى.