El título del éxito en la historia de José el Justo
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Géneros
فلتشكرنك في التراب عظامي
لا زالت ساحتك الشريفة ملجأ لذوي الآمال، وسدتك المنيفة حرما لا تشد إلا إليه الرحال.
المقامة الخامسة: في قدوم إخوة يوسف عليه السلام إلى مصر من أرض كنعان لالتماس
المؤنة
وفيه فصلان
الفصل الأول: فيما جرى بينهم وبين يوسف عليه السلام
قال ممثل يوسف عليه السلام: أيها الغرباء القادمون لاستطلاع خبايا الأسرار، من زوايا دواوين الوقائع والأخبار، والله لئن لم تنبئوني بسبب حضوركم، وتطلعوني على خبيئة كنه أموركم، لأعاقبنكم أشد العقاب، ولأجرعنكم وايم الله كأس العذاب، فقد تراءى لي أن قدومكم إلى هذه المملكة، ليس الغرض منه إنقاذ الأهل والولد من حبائل التهلكة، وإنما أنتم عيون وجواسيس، جئتم لاختبار أحوال مدينتي طيبة ومنفيس، أظننتم أن أمركم يلبث وراء حجاب المواربة مستورا، ومحصل غرضكم لا يبرح في سجل الكتمان مسطورا، أولم يخطر على قلوبكم أن في السويداء رجالا وأي رجال، وحكماء ينفسح لهم في الإدارة الملكية نطاق المجال، لقد جئتم شيئا إدا، وخرجتم عن دائرة الرشد جدا، وها أنا فوقت إلى الغرض سهم فكري فأصاب، فتدبر وافي القول وإياكم والمراوغة في رد الجواب.
قال قائل من أخوته: نخبر السيد الجليل المقام، الذي له بحبل الله المتين اعتصام، دام الله عليه نعماءه، وسدد لغرض الصواب آراءه، أن عبيدك لم يقدموا إلى هذه الديار، التي جرت بمعاليك ذيل الغمغار، على سائر الممالك والأقطار، إلا بغية التماس المئونة، واقتباس أضواء الإسعاف من سماء المعونة، وإن شئت أن نقيم على هذا المقال دليلا، وأن نفصل لك أيها العزيز فباءنا بالحق تفصيلا، فإن أبانا شيخ وهن منه العظم، وقعدت به أحكام الكبر عن العزم، له بتربية الماشية كلف وعناية، وبحب الوطن شغف رفع له من الإيمان رايه، وقد رزق باثني عشر ولدا، اشتد بهم عضدا، أحدهم اغتاله الضياع بكلتا يديه، وشقيقه وهو الأصغر مقيم لديه، وها نحن العشرة متمثلون أمام حنانك، بغية أن نلجأ من الكوارث إلى رحابك، وقد أبحناك سر المسألة، وبسطنا لك الحديث آخره وأوله، فنرجوك أن تعاملنا بحلمك لا بحكمك، وأن تأخذنا بفضلك لا بعدلك وفصلك، فقد بخعنا إليك بالاستكانة، وأشهدنا على ما نقوله الحق سبحانه.
قال ممثل يوسف عليه السلام: ربما كان هذا الحديث من قبيل الخداع، والمغتر بزخرفه كمن اغتر بسراب لماع، وكأنكم لا تعلمون أن من حفر لأخيه بئر الردى، فقد قسط عن سواء سبيل الهدى، واحتفرها لنفسه فسقط فيها وتردى، فاستغفروا بارئكم ذلكم خير لكم، ونزهوا عن شائبه المواربة فعلكم وقولكم، ولقد بدا لي أن أسجنكم حتى حين، وأن لا أطلق سراحكم حتى تجلو ظلمات الريب مصابيح اليقين، ثم أخذتني الشفقة على حالكم، ولم أرد أن يفوتكم موعد ارتحالكم، فتصدقت عليكم هذه المرة بإيفاء الكيل، وملت إلى الرأفة بكم احتسابا بوجهه تعالى بعض الميل، لعلمي أن افتقار أبيكم إلى الزاد، كلما مر به يوم اشتد وزاد، فاتركوا أخاكم هذا (وأشار إلى شمعون)، ليقيد مكانكم جميعا، وائتوني بأخ لكم من أبيكم ليقوم فيكم لدي شفيعا، فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي، ويصبح أخوكم هذا إلى ما شاء الله أسيري وعبدي.
قال قائل منهم: ما أدق نظر المولى، وأحقه بالرعاية وأولى، ولكن كيف نراود عنه أباه، ونحن نعلم أنه لا يفارق شقيق روحه برضاه، لا سيما وقد أخبرناك بضياع أحد أبنائه قبل الآن، ولولا تعزية نفسه عليه بالتأسي لألحق بخبر كان، فلا تسمه أيها العزيز ما لا يستطيع معه صبرا، ولا تحملنا في أمر هذا الأخ المقيد وزرا، حرسك الله وحماك، ولا انفكت ركائب العفاة تزجي إلى حرم حماك.
Página desconocida