وكثرة الفتوح فيها، وكذا الليل، لأنهم فيه أفرغ وسمرهم فيه أكثر. فقلت: أفيه يا أمير المؤمنين غير هذا؟ فقال: ما أعلمه؛ ثم التفت إلى الكسائي، فقال: أتعرف في هذا غير ما جرى مما أفدتناه؟ قال: لا يا أمير المؤمنين؛ وهو وفاء المعنى؛ فأمسك عني قليلًا، ثم قال لي: أتعرف أنت فيه أكثر من هذا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، بقيت الغاية التي افتخر بها قائل هذا الشعر؛ قال: فقل! قلت: الشمس أراد بها إبراهيم خليل الرحمن، والقمر أراد محمدًا ﷺ، والنجوم الطوالع أنت والخلفاء من آبائك ومن يكون من ولدك إلى يوم القيامة. قال: فتهلل وجهه، وقال: حسنٌ والله، والعلم كثيرٌ لا يحاط به، ولعله هذا الشيخ لم يسمع هذا فيفيدناه، وإن هذا لعمري لأبلغ إلى غاية الفخر؛ ثم رفع رأسه إلى الفضل بن الربيع، فقال: يحمل إلى منزل الشيخ عشرة آلاف درهمٍ، فيقدم بها من ساعته.
٧٣- ومما كتبناه عن علي بن سليمان:
أن الأصمعي غاب عن الرشيد غيبةً طويلةً، فلما وافى دخل إليه، فقال له: يا عبد الملك! أطلت الغيبة؛ فقال: يا أمير المؤمنين! ما ألاقتني أرضٌ حتى وافيتك؛ فلم يدر الرشيد ما معنى ألاقتني، فأمسك مغتاظًا، فلما انفض الناس قال: ما معنى ألاقتني؟ قال: أقرتني وأثبتتني؛ فقال: له: احذر أن تكلمني بين العامة بما لا أفهمه.
1 / 50