جسارةٍ على ما أرتج عليه كما روي أن المأمون أمره أن يكتب إلى العمال في سائر النواحي والأمصار بالاستكثار من القناديل في المساجد الجامعة والطرق السابلة في شهر رمضان، قال فكتبت:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد؛ فقد أمر أمير المؤمنين بالاستكثار من المصابيح في شهر رمضان. واعتاص عليَّ المعنى، فلم أدر ما أكتب، وأرتج. فنمت مهمومًا، فأتاني آتٍ في منامي، فقال لي: اكتب فإن في ذلك أنسًا للسابلة وضياءً للمتهجد، ونفيا ًلمكامن الريب وتنزيهًا لبيوت الله عن وحشة الظلم.
٦٠- ومن أحسن ما في هذا، وهو من كلام بعض أهل عصرنا، قال: وجدت قول القائل: الكتابة اسمٌ مشتركٌ يوقع على معانٍ كثيرةٍ، فتارةً يقع على كمالها واستيعاب أقسامها، وتارةً على بعض منازلها.
ويسمى به من يعلم البعض منها، حتى إنه في عصرنا هذا يوقع على من لبس لبسة أهلها، فمن كان من الكتاب جامعًا لأدوات الكتابة فهو الذي يصلح فيها للرئاسة العالية، ومن كان مقصرًا عن تلك المنزلة وجب أن تنزل طبقته بحسب ما معه من الصناعة.
٦١- وسمعت علي بن سليمان يقول: كنا إذا قللنا ما مع الإنسان من النحو قلنا: نحو كتابيٌ؛ ألا تراهم يفرون إلى قراءة الأخبار ويطلبون (الكامل) ويدعون ما يحتاجون إليه من النحو لصعوبته.
1 / 44