============================================================
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس"(1).
فلا بديقع لهم مع أصحابهم كما وقع له صلى الله عليه وسلم مع قومه، فمنهم من يقول: سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومنهم من يقول: سمعنا وعصينا ومنهم من يقول: سمعنا وأطعنا تفاقا. ومنهم من يقول إنما يريد هذا الشيخ بدعائنا إلى الله الفضل والرياسة علينا عند الناس، ومنهم من يقول إنما يريد بذلك نصحنا ونجاتنا من النار، ومنهم من لا يتحول عن محبة شيخه في شدة ولا رخاء، ومنهم من هو معه على الرخاء فإذا جاءت الشدة تخول عن شيخه، ومنهم من لا يبرح من حول شيخه ولو أغلظ عليه القول، ومنهم من إذا أغلظ عليه الشيخ القول هرب منه كما أشار إليه قوله تعالى: ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. ومنهم من يريد الدنيا وزينتها وهو غافل عن الآخرة، ومنهم من يريد الدنيا للآخرة كعبدالرحمن بن عوف ومنهم من لا يريد الدنيا كأهل الصفة، ومنهم من يقول لشيخه قد اكثرت جدالنا وتنقيصنا بين الناس، كما قال قوم نوح عليه السلام: يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا. فلا يؤمنون لنصحه حتى يروا العذاب الأليم، ومنهم من يقول لشيخه بلسان المقال أو الحال لن نؤمن لك إلا إن أريتنا كرامة كما قالت قريش : وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا. إلى آخر النسق، وكما قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة.
(1) قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك". قال العجلوني: هكذا وقع في الأصل وتبعه في التمييز، والمعروف وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس . ورواه الإمام النووي في أربعينه بلفظ : "ازهد فيما عند الناس يحبك الناس:، ثم قال: حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة؛ ورواه ابن ماجه والطبراني وأبو نعيم وابن حبان 216
Página 103