سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى يقول لولا أن السنة بينت لنا ما أجمل في القرآن ما قدر أحد من العلماء على استخراج أحكام المياه والطهارة ولا عرف كون الصبح ركعتين والظهر والعصر والعشاء أربعا ولا كون المغرب ثلاثا ولا كان يعرف أحدا ما يقال في دعاء التوجه والافتتاح ولا عرف صفة التكبير ولا أذكار الركوع والسجود والاعتدالين ولا ما يقال في جلوس التشهدين ولا كان يعرف كيفية صلاة العيدين والكسوفين ولا غيرهما من الصلوات كصلاة الجنازة والاستسقاء ولا كان يعرف أنصبة الزكاة ولا أركان الصيام والحج والبيع والنكاح والجراح والأقضية وسائر أبواب الفقه وقد قال رجل لعمران بن حصين لا تتحد معنا إلا بالقرآن فقاله له عمران إنك لأحمق هل في القرآن بيان عدد ركعات الفرائض أو اجهروا في كذا دون كذا فقال الرجل لا فأفحمه عمران ا ه وروى البيهقي أيضا في باب صلاة المسافر من سننه عن عمر رضي الله عنه أنه سئل عن قصر الصلاة في السفر وقيل له إنا لنجد في الكتاب العزيز صلاة الخوف ولا نجد صلاة السفر فقال للسائل يا ابن أخي أن الله تعالى أرسل إلينا محمدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا وإنما نفعل ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله قصر الصلاة في السفر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ا ه فتأمل ذلك فإنه نفيس * (فصول) * في بيان ما ورد في ذم الرأي عن الشارع وعن أصحابه والتابعين وتابع التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وروينا في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة وكان صلى الله عليه وسلم يقول كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد وروى البخاري عن ابن مسعود أوائل كتاب الفرائض من صحيحه أنه قال تعلموا العلم قبل الظانين أي الذين يتكلمون في دين الله بالظن والرأي فانظر كيف نفى عبد الله بن مسعود العلم عن المتكلمين في دين الله بالرأي وروى الترمذي بإسناد حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة إن أردت أن لأتوقف على الصراط طرفة عين فلا تحدث في دين الله شيئا برأيك ا ه وكان عبد الله بن عباس ومجاهد وعطاء وغيرهم يخافون من دخول الرأي في أقوالهم أشد الخوف حتى أن عبد الله بن عباس ومحمد بن سيرين كانا إذا وقع أحد في عرضهما وسألهما أن يحللاه قالا له إن الله تعالى قد حرم أعراض المؤمنين فلا نحلها ولكن غفر الله لك يا أخي قال بعض العارفين وهو من دقيق الورع ذو عجب في التصريف وإيضاح ذلك أن الغيبة وكل ذنب يقع فيه العبد له وجهان وجه يتعلق بالله تعالى من حيث تعلق حدوده ولا مدخل للعبد فيه ووجه يتعلق بالعبد يؤاخذ الله تعالى به الخصم إذا وقعت المشاححة في الآخرة من العبد ا ه وروى البيهقي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول لا يقلدن رجل رجلا في دينه فإن آمن آمن وإن كفر كفر يعني في نفس الأمر وانظروا في دينكم وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أفتى الناس يقول هذا رأى عمر فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن عمر وروى البيهقي عن مجاهد وعطاء إنهما كانا يقولان ما من أحد إلا ومأخوذ من كلامه ومردود عليه
Página 53