Ciencia de la Ética Psicológica: Principios de Filosofía Literaria
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Géneros
وأما ما يتقرر بحكم الأكثرية فلا بد من احترامه حرصا على سلامة المجتمع واستمراره في سبيل الرقي والنجاح؛ لأنه لا برهان على حقانية الحق وعدالة العدل أقوى من قرار الأكثرية. وليس في الإمكان تنفيذ حق لم تقرره الأكثرية، فإذن لضمانة سلامة المجتمع يجب احترام رأي الأكثرية.
نرى نتيجة هذا الاحترام في القارة الأميركية؛ ففي الولايات المتحدة أول من يبادر لتهنئة الرئيس الجديد الذي فاز في الانتخاب هو خصمه، دلالة على خضوع جميع حزبه لقرار الأكثرية. وأما في جمهوريات أميركا الوسطى، فكان فوز الرئيس لا يتوقف على الانتخاب السلمي الخالي من الزيف، بل على حرب أهلية بين الحزبين، فالحزب الذي يغلب في الحرب تكون الرئاسة له ولو كان أقل عددا. فهنا لا حرمة للأكثرية؛ ولهذا نرى الفرق في الرقي بين الولايات المتحدة والجمهوريات الوسطى كالفرق بين السماوات والأرض.
وهذا الواجب يخول حق المساواة بين الأكثرية والأقلية في جميع التمتعات التي تنال عن يد السلطة التي في قبضة الأكثرية. (1-4) واجب الحرص على نجاح المجتمع
الفرد يستمد حياته ونموه من حياة المجتمع، ويتمتع بما يغدقه عليه المجتمع من التمتعات، ونجاحه متوقف على نجاح المجتمع، كذلك نجاح المجتمع أو رقيه متوقف على نجاح أفراده وتضامنهم وتعاونهم وتوافقهم في أعمالهم وتصرفاتهم وعلائقهم بعضهم مع بعض؛ فلذلك على الفرد أن يصرف كل ما منح من قوى ومواهب في العمل النافع له ولغيره، وللمجتمع على العموم، وإلا كان مذنبا للمجتمع، وإن كان ينجو بذنبه من عقاب المجتمع في كثير من الأحوال.
فالأغنياء الوارثون الذين قيض لهم نظام الاجتماع الفردي أن يحصلوا على ثروات طائلة بلا بذل تعب في مقابلها إذا لم يستخدموا أموالهم في أعمال ومرافق يسترزق منها آخرون، وفي مشروعات خيرية كما فعل ركفلر وكارنجي، وكما يفعل الآن فورد وأضرابه، بل إذا جعلوا يبددونها في اللهو والبطالة والفساد والدعارة كانوا أعظم المجرمين، وكانوا يستحقون الشنق. إن استفحال هؤلاء ووفرة عددهم تسوغ تفضيل النظام الاشتراكي، وتبرر نشاط الاشتراكيين.
بعرق جبينك تأكل خيرك: أول شريعة دينية ظهرت على الأرض، وكان العمل بموجب هذه الشريعة عبادة؛ لأنها أول مبدأ جيد ارتشد إليه الإنسان بالاختبار الطويل منذ جعل يشط عن طور الحيوانية إلى الإنسانية. فالعمل ضرب من عبادة الحق لثقة بحقانية نجاح المجتمع. وهذا ما يجعل المرء الحسن الإدارة أن يقف نفسه على العمل الصالح. (1-5) واجب الأمانة
كما أن لك حقوقا على المجتمع - تقدم بيانها - هكذا لغيرك حقوق مثلها، فيجب عليك احترامها؛ كحقوق الحياة والحرية والملكية والمساواة إلخ، ذلك لأن النسبة التي بينك وبين المجتمع، والتي سوغت هذه الحقوق، إنما هي محققة بحسن العلائق بينك وبين إخوانك، فإذا كنت تتوقع من المجتمع أن يحمي حقوقك وجب عليك أن لا تعتدي على حقوق سواك، بل بالأحرى أن تحترمها، وإذا كان كل فرد يحترم حقوق الآخرين هكذا، بحيث لا يضطر المجتمع أن يعاني في سبيل حماية حقوق الأفراد، كانت العلائق بين الأفراد جيدة بقدر قلة المعاناة هذه. وبقدر جودة هذه العلائق تكون النسبة بين الفرد والمجتمع متينة، وبالتالي يكون نجاح كل من المجتمع والفرد أعظم.
إن واجب احترام حقوق الغير يستلزم الامتناع عن الغش والتزوير والخيانة والاختلاس والغبن والغدر ونحو ذلك مما يغمط حقوق الغير، فهذا الامتناع هو الأمانة بعينها. (1-6) واجب اعتبار شخصيات الغير
وإذا كانت جودة العلائق بين الأفراد لا تقتصر على الوجوه السلبية؛ أي عدم اعتداء الواحد على حقوق الآخرين، بل تشمل الوجوه الإيجابية أيضا بحيث يتعاون الأفراد في ترقية أمورهم وإنجاحها ، كانت العلائق أجود، والنسبة الاجتماعية أمتن، فإذا كان العالم يكتم علمه لنفسه، وذو الموهبة يخنقها، والمتمول يخزن ماله ولا يثمره، وكل شخص يقول: دعوني لنفسي يكفي أني لا أعتدي على حق أحد، كانت العلائق بين الأفراد رخوة وفاترة، وكان الرقي ضعيفا.
هذا الواجب يقوم برغبة الفرد في أن يشترك مع غيره في المشروعات العمومية المفيدة للجمهور، ولا سيما للعامة؛ كإنشاء الأندية الأدبية والعلمية والفنية والمعاهد والملاجئ، إلى غير ذلك مما يستفيد منه أعضاؤه وغيرهم فوائد عرفانية وغيرها.
Página desconocida