Ciencia de la Ética Psicológica: Principios de Filosofía Literaria
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Géneros
الواجبات
(1) طائفة الواجبات
بحثنا فيما تقدم في رئيسيات الحقوق التي للفرد تجاه المجتمع، وهي الحقوق التي تتمثل للذهن قبل الواجبات التي تصحبها. وفيما يلي نبحث في الواجبات الرئيسية التي تتمثل للذهن قبل الحقوق المرافقة لها. (1-1) شرعية الواجبات
الواجبات الشرعية القديمة مصوغة في وصايا أمرية ونهيية، كما نرى نماذجها في لوحي موسى الحجريين وفي غيرهما من شرائع الأمم القديمة والحديثة مصوغة بصيغة شرطية، وجواب الشرط هو العقاب، كقولك: من يقتل يقتل، فهي شرائع مكتوبة محدودة؛ ولهذا توسعت على تمادي الزمان حتى ملأت مجلدات.
ومع ذلك لا تزال ناقصة وذات عيوب؛ لأنه يتعذر بل يستحيل أن تجد قواعد شرعية أو مبادئ قانونية أو مواد شرائع تشمل كل حادث من الحوادث الاجتماعية، ولا سيما في هذا العصر الذي تعقدت فيه علائق الأفراد والأمم تعقدا شديدا؛ ولذلك لا غنى عن الالتجاء إلى مبادئ أدب النفس أو أولياته لتصحيح الحكم حتى في المحاكم القضائية، كما أنه لا بد من انتداب الضمير لتزكية الحكم.
فواجبات الفرد إنما هي زبدة أوليات أدب النفس وثمرة مبادئه، ومصدر هذه الواجبات كمصدر تلك الحقوق التي تقدم البحث فيها؛ أي النسبة التي بين الفرد والمجتمع. هي واجبات الفرد نحو النظام الاجتماعي، ومنها تشتق الواجبات المتبادلة بين الأفراد بحسب العلائق والنسب المتبادلة بينهم. وبقيام الفرد بهذه الواجبات يتيسر للمجتمع أن يستمر في رقيه مغدقا المسرات والنعم على أعضائه. (1-2) واجب احترام النظام
إن قيمة القوانين القضائية والإدارية وفاعليتها تتوقفان على محافظة الجمهور على نظامه الاجتماعي، فحيث لا يحترم النظام تضعف سلطته، وتخيب فاعليته؛ فإذا كان الجندي لا يخضع لأمر قائده تضعف قوة الجيش حالا، وإذا كان ينفذ أمر قائده ولو كان خطأ كانت كتلة الجيش متينة وقوته عظيمة؛ فاحترام النظام كالحب لا يؤذن بالانتقاد أو الاعتراض أو التدخل، بل يوجب الطاعة عند طلب التنفيذ، وإذا كان ثمة خطأ في نظام، أو أن النظام يقبل نقدا أو اعتراضا؛ فللهيئة الاشتراعية أن تنقح.
لذلك يجب أن نحترم الحاكم حتى ولو كان غير أهل للاحترام؛ لأننا نحترم فيه شخصية المجتمع، وكذلك نحترم الحكام ونحترم القضاء، ونطاوع السلطة التنفيذية كالشرطة ونحوها، وليس ذلك فقط، بل يجب أن ننفذ القوانين الإدارية من تلقاء أنفسنا من غير أن تكون ثمة عين الشرطي مراقبة لنا، وأن ندفع المكوس المفروضة بكل طيب خاطر، وأن نتجنب كل سلوك يعرض الأمن العام للخطر أو الفوضى. يجب أن نفعل كل هذه ونحوها حتى ولو كان في بعض الأنظمة التي توجبها خطأ أو جور أو حيف، نفعلها ما دامت في مقام التنفيذ حرصا على سلامة المجتمع، وإنما لنا أن نسعى لتنقيحها بالأساليب الشرعية القانونية.
هذا الواجب يخولنا حق طلب حماية أشخاصنا وحياتنا وحريتنا وأموالنا من المجتمع، وإيجاد الوسائل العمومية التي تساعدنا على ترقية أنفسنا. (1-3) واجب احترام رأي الأكثرية
كثير من الأنظمة أو القوانين لا توافق مصلحتنا كأفراد، أو قد تضر بنا أو تخالف أميالنا أو أذواقنا على الأقل؛ ولذلك يمكن أن نظنها خطأ أو ضلالا، أو أن فيها غبنا وحيفا، وربما كان ظننا صائبا. وإنما لأن الأنظمة تتقرر بحكم رأي الأكثرية تجب إطاعتها احتراما لرأي الأكثرية، إلا إذا قبضت أقلية على زمام السلطة واستبدت، فيسوغ التمرد عليها.
Página desconocida