88

فمن أقوال الهلاليين التي اشتهرت عنهم: أشق الطريق إن لم أجده.

ولذا ما إن تحقق لأبي زيد التوصل إلى أهدافه ومبتغاه، حتى اتخذ طريقه إلى نجد محملا بكل جديد من يانع المعلومات التي تعجل بالهجرة، وما تتطلبه بالضرورة من دفاع وحرب.

حتى إذا ما شارف أبو زيد معالم نجد سرا ليلا ترجل عن حصانه، مسلما قياده لأول من صادفه بها وكأنه كان على موعد شديد الدقة مع وصوله. - أبو قمصان ...

فهو الذي رحب به مقتضبا كعادته، وكأنهما لم يفترقا لشهور طويلة أقيمت الدنيا فيها وأقعدت مرات إثر مرات، قائلا في تعاليه: أين الشباب؟ - بسجون تونس.

قال أبو القمصان بتعاليه: تونس، تقصد قرطاج. - أنا متعب يا أبا القمصان.

أشار أبو القمصان: إذن عليك بالأميرة العالية الليلة.

وهكذا أخذ أبو زيد من فوره بنصيحة - إن لم يكن صيغة أمر - أبي القمصان متجها من فوره إلى قصره ومضاربه.

حتى إذا ما استقبلته زوجته العالية بكل الحب والترحاب وهي تمسح دموعها الغزيرة في وجهه ولحيته: أبو زيد، حبي، لم أعد أستطيع فراقك غمضة عين.

وهنا أردف أبو القمصان قائلا: كانت تفك غلها في ريش طيور البيت من إوز ودجاج لتنتفها في حرقة.

ولم يتمالك أبو زيد والعالية من الضحك حين نطق أبو القمصان موضحا: حرقة الفراق.

Página desconocida