هنا عاجله يونس بدوره وهو يحط عن رأسه تعبا وإعياء مقعيا قائلا وهو يتفرس عبر الظلام الخفيف في عينيه: العالية بنت جابر.
انتفض أبو زيد في أقصى انفعاله ونشيجه مبتعدا مخفيا وجهه بين ساعديه كمن يكتم لهبا اندفع في غائر أعماقه ... - يونس، ألا يكفي ما أنا فيه؟! اتركني، اتركني، كفاك سخرية!
ولعلها المرة الأولى التي اندفع فيها يونس ضاحكا مقهقها وهو الذي لم يضحك أبدا منذ سنين.
ومن فوره تمدد في استرخاء وهو يدق الأرض بقبضته من غرابة أطوار خاله، هذا أبي زيد فارس الفرسان، والذي يبدو الآن أمام عينيه كمثل طفل محب لا يعرف من عالمه سوى البراءة. - العالية ابنة الأمير جابر.
قاربه سائلا: أليس كذلك يا خال؟
انتصب أبو زيد واقفا معدلا من هيئته مواصلا عناده كمثل طفل: لن أعود يا يونس.
داعبه يونس بصوت محايد خفيض: خائف؟
هنا انتفض أبو زيد وكما لو كان يخوض إحدى معاركه أو وقائعه أو ملاحمه: خائف؟
واصل يونس: أجل، من امرأة. - امرأة! - الأميرة عالية.
شبك أبو زيد ذراعيه على صدره، وبدا وكما لو كان يحدث نفسه مناجيا زافرا: ماذا أفعل؟
Página desconocida