معانيها مما لا يمسه إلا المطهرون ، ولا يهتدي إلى غورها إلا الخواص الأقلون ، وما من مسألة من العلوم الحقيقية إلا ويوجد فيه أصلها ولبها ، مجردا عن القشور ، والملابس الساترة ، وما من نكتة عرفانية ، إلهية ، إلا ويرى فيه منبعها وسرها ، خالصا من الألفاظ الخطابية السائرة ، وما من أصل من الأصول العقلية إلا ويعرف فيه بيانه ، وشرحه ، مطابقا للكتاب العزيز والسنة الطاهرة ، فهو كما قيل له : كتاب له استحقاق ما يكتبونه ، بمدات نور في صفائح حوره ، فطوبى لشخص بعد تحقيق علمه ، توغل باستغواره بدحوره ، فناهيك به رفيقا ، وأخا عالما شفيقا ، بشرط تحصيلك أولا طرفا من العلوم ، وتطهير باطنك من غش الجهالة ، وكل خلق مذموم ، وكون سريرتك مجبولة على الإنصاف ، مفطورة على التجنب عن الجور والاعتساف ، فعند ذلك يفرقك هذا الكتاب مع ما صنفناه لبيان الأقسام الثلاثة الأخر ، عن سائر الكتب المصنفة في سائر العلوم ، ما عدا الوضعية منها ، كالأدب والرسوم ، أو التخمينية ، كالطب ، والرمل ، والنجوم ، أو الآلية ، كالمنطق ، والحساب ، وما يجري مجراهما من العلوم ، وبالجملة ما لا يرافقك إلى الآخرة ، وإنما يكون معك ما دمت في هذه النشأة البائرة.
وجميع ما في المقدمة والمقصدين ينحصر في خمسين مطلبا ، بهذا التفصيل.
أما المقدمة ففيها خمسة مطالب :
[1] في الإشارة إلى فضيلة علم التوحيد ، وشرف أهله ، وكيفية تحصيله.
[2] في بيان قلة أهل الله ، وصعوبة هذا الأمر وغموضه.
[3] في الحث على كتمان الأسرار.
[4] في بيان أصناف الناس.
Página 26