============================================================
كيفية تجوهر القرآن بالقلب: واعلم أنه قد يحصل تجوهر النور المذكور لا بذكر لا إله إلا الله بل بتلاوة القرآن، ويسمى تجوهر نور الكلام، وذلك إذا أكثر السالك من التلاوة مع الاجتهاد في مواطئة القلب مع اللسان، وذلك بأن يطبق المعاني بالألفاظ حتى يفرغ القلب للمعاني بالكلية ولا يتوجه إلى إجراء الألفاظ على اللسان، ولا يشتغل بحديث النفس حتى تجري التلاوة على اللسان من غير قضد ويقوم معنى الكلام مقام حديث النفس لاستغراق القلب، فيلتذ القلب بذلك ويذوق ويسري ذوقه إلى النفس والبدن فيدخل على العبد سهولة في التلاوة والصلاة لذهاب ثقل النفس فتبدل أوصافها، فتنقطع كدورتها وتبدل أوصافها فيتنور الباطن بتلك الشهولة في التلاوة والصلاة بسريان نور الظاهر إلى الباطن مع نور الباطن.
فإذا اجتمع في الباطن نور المعاني التي فيه ونور الألفاظ الجارية على ظاهره مع نور الصلاة تجوهر الكلام في القلب، ويكون من هذا ما كان من ذكر الذات فيما سبق، وهو أن يجتمع نور الكلام في القلب مع مطالعة عظمة المتكلم سبحانه وتعالى، فتحصل منه المكاشفة والمشاهدة والمعاينة.
أسرار الصلاة وعجائبها: واعلم أيها الطالب الراغب أن لله في كل هيئة من هيئات الصلاة، بل في كل حركة من تلك الحركات التي تؤدي إلى تلك اهيئات أسرارا وحكما تؤدي إلى غرائب الأحوال وعجائب المقامات التي لا توجد في شيء غيرها من الأذكار المتعارقة.
ويكفي شاهد على ذلك اعتناء أكمل الكمل بها في خلوته وجلوته
Página 74