============================================================
صورة الكلمة من اللسان والقلب لا يزول نورها اللازم لجوهريتها، فإذا كملت نورانيتها رأى القلب عظمة المذكور، وانتقشت تلك الكلمة في جوهره الصافي، فيتحد الذكر حينئذ مع رؤية عظمة المذكور كاتحاد الصورة المنتقشة في المرآة بالمرآة .
فإذا اتحد برؤية عظمة المذكور صار كأنه ذكره عز وجل ذاته بذاته في ذاته، وهذا التجوهر هو المقصد الأقصى، ولأجله اتخذ الصبادقون الخلوة لا لحصول الكرامات وخوارق العادات: علاج انحراف مزاج الذاكر: واعلم أن نورانية الذكر محرقة لأوصاف العبد مثيرة لحرارة طبوه بانحراف النفس عن طبعها، فإن خاف السالك ضررا بأن حصل له انحراف في مزاجه فليمزج في أثناء ذكره ذلك الذكر بالصلاة على الحبيب بأن يقول: محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لأن الصلاة على النبي كالماء تقوي النفس على طاعة الله تعالى وتذهب وهج الطباع. وإليه يشير الصديق رضي الله عنه بقوله الصلاة على محمد: (أمحق للذنوب من الماء البارد للنار). وقد نص ابن عطاء الله الشاذلي(1) تفع الله به في مفتاح الفلاح: أن علامة الفيح ثوران الحرارة في الباطن.
قال بعضهم: والعطش موين لذلك.
(1) تاج الدين أحمد بن محمد بن عبد الكريم، ابن عطاء الله السكندري المالكي الزاهد المذكر الكبير القدر، له عدة مصنفات منها: "الحكم العطائية"، ولالطائف المنن في مناقب المرسي وأبها الحسن"، توفي بالقاهرة سنة 707هوقبره بالقرافة يزار. الشعراني: الطيقات الكبرى 2: 20، الزركلي: الأعلام 1: 222.
Página 73