216

Carais Bayan

عرائس البيان في حقائق القرآن

Géneros

قال الجنيد : إن الله تعالى ذكر الصبر وشرفه وعظم شأن الصابرين لديه ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ) أمرهم بالصبر على الصبر ، ثم قال : ( ورابطوا ) وهو ارتباط السر مع الله سرا ، والوقوف مع البلاء جهرا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الصبر عند الصدمة الأولى» (1).

قال الحارث : الصبر التهدف لسهام البلاء.

وقال الجريري : الصبر إسبال التولي قبل وقوع البلوى ، فإذا صارف البلوى تلقاه بالتولي ولم يجزع.

وقال بعضهم : ( اصبروا ) تحت حكمي ، ( وصابروا ) في الحلاوة مع أعدائي ، ( ورابطوا ) قلوبهم بموافقتي ورضائي.

وقال جعفر : ( اصبروا ) عن المعاصي ، و ( وصابروا ) على الطاعات ، ( ورابطوا ) الأرواح بالمشاهدة ، ( واتقوا الله ) أي : اجتنبوا الانبساط مع الحق ، ( لعلكم تفلحون ) تبلغون مواقف أهل الصدق ، فإنه محل الفلاح.

وقال بعضهم : ( اصبروا ) بجوارحكم على الطاعات ، ( وصابروا ) بقلوبكم مع الله ، ( ورابطوا ) بأسراركم بالحقائق سبل الشوق والمحبة.

وقال بعضهم : ( اصبروا ) بالله ، ( وصابروا ) مع الله ، ( ورابطوا ) أسراركم بالحقائق لعلكم تجردون عن همومكم وخطراتكم.

قال ابن عطاء : الصبر للمطيعين ، والمصابرة للمحبين ، والمرابطة للعارفين ، وقال : الصبر لله ، والمصابرة بالله ، والمرابطة مع الله.

وقال الأستاذ : الصبر فيها يتفرد به العهد ، والمصابرة مع العدو ، والرباط نوع صبر ، ولكن على وجه مخصوص.

ويقال : أول الصبر التصبر ، ثم الصبر ثم المصابرة ، ثم الاصطبار وهو نهايته.

ويقال : ( اصبروا ) على الطاعات وعن المخالفات ، ( وصابروا ) في ترك الهوى والشهوات ، وقطع المنى والعلاقات ، ( ورابطوا ) بالاستقامة في الصحبة في عموم الحالات.

ويقال : ( اصبروا ) على ملاحظة الثواب ، ( وصابروا ) على ابتغاء القربى ، ( ورابطوا ) في محل الدنو أو الزلفة على شهود الجمال والعزة.

Página 226