Carais Bayan
عرائس البيان في حقائق القرآن
Géneros
ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (104) ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم (105))
قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) حق التقوى الفناء تحت سلطان الهيبة والتحير بنعت الحياء في مقام المعرفة ، وذوبان القلب في رؤية العظمة من سطوة جلال المشاهدة.
وأيضا حق التقوى : صون المعهود وحفظ الحدود والخمود تحت جريان القضاء بنعت الرضا.
وأيضا حق التقوى : ترك الأكوان والحدثان لمشاهدة الرحمن ، وأيضا نية الأصفياء بركضة تعريفه حقيقة عين القدم بهم ؛ ليعرفوا حق الربوبية بأداء حقيقة المعبودية ، وألزمهم الاستقامة عليها ، أي : اعرفوني بحق المعرفة ، ولا تأتوني إلا بشرط الاستقامة ، أي : لا يصادقكم الوفاة إلا وأنت بشرط الوفاء وهو معنى قوله : ( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ).
وقال سهل : أمروا أن يعبدوه بالتوكل عليه ، والتفويض إليه ، أي : لا يعرجون في الدارين على من سواه.
قال الشيخ أبو عبد الرحمن : ( حق تقاته ) تلف النفس في مواجبه.
وقال القاسم : بذل المجهود ، واستعمال الطاعة ، وترك الرجوع إلى الراحة ، ولا سبيل إليه ؛ لأن أوابل طرف الوصول التلف.
وقال الواسطي : هو إتلاف النفس في مواجبه.
وقال ابن عطاء : ( حق تقاته ) هو صدق قول لا إله إلا الله ، وليس في قلبك شيء سواه.
وقال بعضهم : إرادته أن يعرفنا مواضع فضله فيما رغمنا فيه من استعمال مواجبه ؛ لأن واجب الحق لا يتناهى ، والعمل لا يتناهى.
وأيضا قال ابن عطاء : حقيقة التقوى في الظاهر محافظة الحدود ، وباطنه النية والإخلاص (1).
Página 188