Árabes de este tiempo: una nación sin dueño
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
Géneros
الأصلح للجميع حفاظا على تراث الأمة الذي يكون الرافد الرئيسي في ثقافتها السياسية، التعامل مع الإسلام في ذاته، وكيف أنه قادر على الدفاع عن مصالح الأمة واستمرارها في التاريخ والدخول في تحديات العصر، تحرير ما تبقى من الأراضي المحتلة في فلسطين وكشمير وسبتة ومليلية، وما زاد عليها في العراق وأفغانستان والشيشان كما يريد الوطنيون جميعا، وتحرير المواطن من كل صنوف القهر السياسي والاجتماعي تحقيقا لشعار «لا إله إلا الله»، والجهر بالحق، وقول كلمة حق في وجه سلطان جائر كما يريد الليبراليون، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس، وجعل العمل المصدر الوحيد للقيمة بدلا من هذا التفاوت الشديد بين الأغنياء والفقراء وتهريب الأموال والاتجار بالأرزاق كما يريد الماركسيون، والدفاع عن وحدة الأمة ضد مخاطر التجزئة والتفتيت العرقي والطائفي، وتحقيق التنمية المستقلة في أمة متكاملة في اقتصادها بين الثروات وعائدات النفط والعقول والسواعد كما يريد القوميون الوحدويون، والدفاع عن الهوية ضد التغريب والتميع كما يريد الإسلاميون، وتجنيد الجماهير وحشد الناس الذي تعاني من غيابه جميع فرق المعارضة. ليس من مصلحة أحد تشويه الإسلام من أجل الصراع على السلطة، بل من مصلحة الجميع إبراز قدرة تراث الأمة على تحقيق مصالحها الوطنية، وأن يكون وعاء للوحدة الوطنية التي يجتمع فيها كل الفرقاء على الحد الأدنى من المصالح العامة على مستوى العمل، مع أكبر قدر ممكن من التعددية السياسية وحق الاختلاف على مستوى النظر.
مصر وتركية وإيران
3
في عصر التكتلات السياسية والاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلنطي والاتحاد الأوروبي ومجموعة الثمانية، يقف الوطن العربي وحيدا مجزءا إلى أقطار، ومهددا بالتقسيم إلى دويلات طائفية؛ شيعية وسنية، وإسلامية وقبطية، أو عرقية؛ عربية، كردية، بربرية، زنجية، ثم إشعال الحروب بينها حتى تتحول إلى فتات تابع للتكتلات الكبرى. وحاولت دول أخرى إقامة تكتلات مماثلة في أمريكة اللاتينية، النافتا، وفي أفريقية، الاتحاد الأفريقي، وفي الوطن العربي، الجامعة العربية، وفي العالم الإسلامي، منظمة المؤتمر الإسلامي، وفي عالم النفط، منظمة الأوبك، وفي جنوب شرق آسيا، الآسيان، وأخيرا مجموعة الدول الأفريقية الآسيوية الأربع وعشرين ومركزها أندونيسية، وماليزيا، وإيران، وتركية، ومصر، ونيجيريا؛ لتنشيط دول مؤتمر باندونج، وتحويله من مستوى الوجدان إلى مستوى الفعل بعد ما يزيد على نصف قرن. ومع ذلك ظلت ضعيفة صورية خطابية، لا تستطيع الصمود أمام التكتلات الكبرى، وليس لها ثقل سياسي لأنها خالية من الثقل الاقتصادي الذي تستطيع به منافسة التكتلات الكبرى في السوق طبقا لحرية المنافسة وفي عصر العولمة.
فهل تستطيع مصر والوطن العربي مع دول الجوار، تركية وإيران، تكوين تكتل سياسي اقتصادي يحميها من التجزئة والتفتت والتقسيم، ويجعلها قادرة على الصمود أمام التكتلات الكبرى، وربما تكوين بؤرة لبداية قطب ثان في أفريقية وآسيا قادرا على أن يواجه القطب الأول في عالم متعدد الأقطاب؟
إن التاريخ المشترك بين مصر وتركية ظل أكثر من خمسة قرون منذ فتح سليم الأول مصر عام 1517م، وظلت درة الخلافة العثمانية كما كانت الهند في عصر الاستعمار درة التاج البريطاني. وبسبب نظام السخرة ونظام الالتزام والتسلط التركي ومركزية الباب العالي والنظام الملي وقهر شعوب البلقان، بدأ ضعف الخلافة العثمانية. ومع ذلك حاول محمد علي إحياءها من مصر بتأسيس دولة قوية جديدة أكثر استنارة من دولة الخلافة. وظلت العلاقة بين مصر وتركية حتى القرن العشرين إبان حركة التحرر الوطني ضد الاستعمار البريطاني في الحكم والمصاهرة.
وظلت نفس العلاقة المتينة بين مصر وإيران، أقوى دولتين في العالمين السني والشيعي. بينهما صلات رحم بين الأسرتين الحاكمتين، الشاه ومحمد علي، وأواصر صداقة بين الشعبين. جمعهما التراث الإسلامي، خاصة الشعر والتصوف، الفردوسي والرومي، والخيام وإقبال.
سبقت الثورة المصرية في 1952م بقيادة الضباط الأحرار، الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الأئمة الأحرار. واستلهمت تأميم القناة في 1956م من تأميم مصدق النفط في 1954م، وهروب الشاه بعد مغادرة ملك مصر والسودان البلاد. وظلت الثورة المصرية تؤيد زعماء الثورة الإيرانية بالمال والسلاح بعد عودة الشاه عن طريق العراق ضد العدو المشترك؛ أمريكة وإسرائيل، ثم بدأت القطيعة بين البلدين بعد انقلاب الثورة المصرية على نفسها، وتحولها إلى ثورة مضادة أثناء الجمهوريتين؛ الثانية في السبعينيات على مدى عقد من الزمان، والثالثة في الثمانينيات حتى الآن على مدى ثلاثة عقود من الزمان. وما زالت مستمرة بالبقاء في السلطة مدى الحياة، أو بمخططات التوريث وتعديلات الدستور وتأييد الولايات المتحدة وإسرائيل، بل تحالفت الثورة المضادة مع الولايات المتحدة في سياساتها الأمنية في الوطن العربي، وفي غزوها للعراق، وعقدها معاهدة صلح مع إسرائيل، وهي ما زالت تحتل أراضي ثلاث دول عربية.
إن القومية العربية ليست أيديولوجية سياسية مغلقة، بل مفتوحة على دائرة أوسع هي العالم الإسلامي. والعروبة ليست بأب أو أم؛ أي مفهوما عرقيا، إنما العروبة هي اللسان؛ فكل من تكلم العربية فهو عربي. وقديما تمت التفرقة بين العرب العاربة والعرب المستعربة. وربما كل العرب خارج شبه الجزيرة العربية وصحراء الشام الامتداد الطبيعي لها عرب مستعربة؛ فإعادة صياغة حدود القومية العربية بحيث تشمل دول الجوار غير العربية التي أخذت الإسلام دون اللسان تفترضه طبيعة التكتلات الكبرى الحالية، وتتجاوز بعض أوجه النقص في ممارسات النظم السياسية التي حكمت باسم القومية العربية في مصر وسورية والعراق.
إن تكتلا سياسيا اقتصاديا جديدا بين مصر وتركية وإيران يضم أكثر من مئتي مليون نسمة في نفس حجم سكان أوروبة، وأمريكة، واليابان. وتستطيع مصر أن تستدعي الوطن العربي معها؛ فهي بؤرته. والعالم الأفريقي معها؛ فهي جزء منه. وتستطيع تركية وإيران أن تجلب معها أواسط آسيا بما في ذلك باكستان وأفغانستان، وجنوب شرق آسيا، أندونيسية وماليزيا؛ فيعاد إحياء حركة تضامن شعوب آسيا وأفريقية من جديد، قلب باندونج بعد نصف قرن. الإمكانيات السكانية والصناعية بلا حدود. تعتمد على النفط والصناعات المدنية والعسكرية، والمنطقة الاستراتيجية والعمالة، السواعد والعقول، والأسواق، والاتصال البحري والبري، والإرث التاريخي المشترك، والثقافة الإسلامية الجامعة بين الشعوب. ومياه النيل ودجلة والفرات قادرة على جعل الزراعة مكتفية بذاتها، بدلا من الصراع حولها بين سورية والعراق من ناحية، وإيران من ناحية أخرى، وحول مياه النيل بين الدول المطلة على حوضه. يستطيع هذا التكتل الجديد أن يحافظ على عروبة فلسطين، واستقلال دولة فلسطين، واسترداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. كما يستطيع أن يقدم كل وسائل العون والحماية لدول الخليج التي هي مفترق الطرق بين العرب وإيران، والجسر الثقافي بين السنة والشيعة، وإحياء إعلان دمشق بدلا من المظلة الأمريكية الإسرائيلية ؛ وبالتالي ينتهي التناقض بين السنة والشيعة، بين العرب وإيران. كما تبتعد تركية عن إسرائيل، وقد بدأ. وتستقل عن الولايات المتحدة الأمريكية، وتبدع نموذجا جديدا للتطور والتنمية بعد النموذج الغربي الذي اختارته الثورة الكمالية في ظروفها التاريخية الأولى أثناء ضعف الخلافة ونهايتها.
Página desconocida