Árabes de este tiempo: una nación sin dueño
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
Géneros
الصحة والمرض
من مؤلفات أرسطو فيما يسمى «الطبيعيات الصغرى»، الصحة والمرض مع اليقظة والنوم، والشباب والهرم، والحاس والمحسوس. وهي ظواهر الحياة الإنسانية، وهي إقرار لواقع إنساني، ونتيجة لعلاقة النفس بالبدن. وهي ليست عيبا أو نقصا أو شيئا يخشى منه يخفيه الإنسان ويتستر عليه وينفيه، أو يتطير به شرا ويكذبه؛ فكل إنسان يصح ويمرض على التوالي. لا الصحة دائمة حتى عند شجيع وطرازان، ولا المرض دائم حتى عند العليل. ولا الشباب دائم لأنه ينتهي إلى الهرم، ولا الهرم دائم لأنه ينتهي بالموت، وهي نهاية الحياة الأرضية. ولا اليقظة دائمة، بل تذهب وتجيء، ولا النوم دائم حتى عند أهل الكهف. ولا الحاس دائم ؛ فقد يفقد الإنسان حواسه مثل الأعمى والأصم، ولا المحسوس دائم، بل يتغير أو يغيب.
المرض والنوم والهرم وفقدان الحواس من ضرورات الحياة مثل الموت، ولا يوجد إنسان لا يمرض ولا ينام ولا يهرم ولا تعمل حواسه على الوجه الأكمل كلما تقدم في السن، بل إن كل ذلك من عظمة الإنسان. الإنسان الذي لا يمرض من صنع الخيال، والإنسان الذي لا يموت يكون مسخا للكائنات؛ لذلك كتبت سيمون دي بوفوار «كل البشر فانون». وأصبح المرض والهرم والموت داخلين في نسيج الوجود الإنساني.
كان طرازان شخصية تلهب خيال الأطفال والمراهقين، وكذلك «شجيع السيما» و«بطل الشاشة» و«فتوة الحارة». الخلود لا يأتي إلا بعد الموت، بالسيرة العطرة، والآثار الحميدة، والولد الصالح، والصدقة الجارية، والذكرى الطيبة، والإمام العادل، والزعيم الخالد.
لذلك تأسست كليات الطب والتمريض، وصنعت الأدوية وأجهزة الكشف وأساليب العلاج المتعددة ابتداء من الطب النبوي حتى الطب الحديث، والعلاج وإجراء العمليات الجراحية بالخارج إن استعصى العلاج، وإجراء العمليات في الداخل، ما دام المريض قادرا على الدفع أو يعالج على حساب الدولة.
ولا تنطبق دورة الحياة والموت على الإنسان وحده، بل على كل الكائنات الحية، النبات والحيوان، من الحشرة إلى السوبرمان، ومن الدودة إلى الحاكم بأمر الله. ومهما تخيل الأدباء «إكسير الحياة» الذي يرد الإنسان من المرض إلى الصحة، ومن الهرم إلى الشباب (حبك شباب على طول)، ومن النوم إلى اليقظة (حتى في أحلى الأحلام)، ومن الموت إلى الحياة. إن اليهود فقط هم الذين يتمنون الحياة
ولتجدنهم أحرص الناس على حياة (البقرة: 96)،
أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة (النساء: 78).
وطبقا لقوانين الجدل، لكل إيجاب سلب، ولكل سلب إيجاب. والحياة هي هذا الجدل بينهما؛ فبفضل المرض أدرك الإنسان قيمة الصحة، ولولا الهرم لما أدرك الإنسان حلاوة الشباب، طبقا لقول الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يوما
Página desconocida