قال ورقة وهو ينهض: «عمي مساء يا ابنة عم، وتلطفي في تدبير أمرك! فإن أحسست التوفيق لما تحبين فآذنيني بذلك! فإني أتمنى أن تكون لي يد ما في هذا الزواج الذي سيكون له في حياة الناس أسعد الأثر وأبقاه.»
5
تحدث ابن سعد بإسناده:
1
أن نفيسة بنت منية قالت: كانت خديجة بنت خويلد بن عبد العزى بن قصي امرأة حازمة جلدة شريفة، مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير، وهي يومئذ أوسط قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، وكل قومها كان حريصا على نكاحها لو قدر على ذلك، قد طلبوها وبذلوا لها الأموال. فأرسلتني دسيسا إلى محمد بعد أن رجع في عيرها من الشام. فقلت: يا محمد، ما يمنعك أن تزوج؟ فقال: ما بيدي ما أتزوج به. قلت: فإن كفيت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟ قال: فمن هي؟ قلت: خديجة. قال: وكيف لي بذلك؟ قلت: علي. قال: فأنا أفعل. فذهبت فأخبرتها، فأرسلت إليه أن ائت لساعة كذا وكذا، وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها، فحضر ودخل رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في عمومته، فزوجه أحدهم.
وشهد هذا الحفل اليسير العظيم أبو طالب الذي كان يقوم دون محمد ويرعاه، وورقة بن نوفل الذي كان ينصح خديجة ويخلص لها الوفاء.
فلما أصبح الملأ من قريش غدوا إلى مجالسهم وأنديتهم من المسجد، وأخذوا في أحاديثهم. فقال قائل منهم: «ألم يبلغكم النبأ يا معشر قريش؟»
قالوا: «وما ذاك؟»
Página desconocida