والواقع أنني لم أكن مخيرة في انتقاء هذا الموضوع، بل أنا مرغمة عليه بحكم سياق البحث وانسجامه. أما عائشة فتقول إنها «اصطفت عفاف النفس» ولماذا؟
وذاك لأنني في عصر قوم
به التهذيب كالأمر العجيب
نستطيع أن نجعل هذا البيت حدا فاصلا بين ما نظمته التيمورية للمجاملة والمحاكاة والرثاء وتبيان العواطف وبين ما نظمته لتأدية رأي لها في شئون المجتمع، وتبصر في أحواله وأخلاقه بين طوارئ الزمان وتقلبات الأيام.
ورأيها وتبصرها لا تنفرد بهما، بل هما شائعان لا سيما بين الشرقيين. ولكن يهمنا هنا منهما أن شاعرتنا عمدت إليهما وأخذت بهما، ولو من وجهة سطحية. إن عائشة لم تتعمق أصلا في فكرة أو في عاطفة. بل كانت تكتفي بالناحية المطروقة وترضى لها بالتعبير المألوف. ولكن لا ننسين أنها المرأة المصرية الوحيدة في عصرها التي أقدمت على ما لم تدرك أهميته يومئذ مئات الألوف من النساء ومن الرجال أيضا.
ولقد ألمحت غير مرة في شعرها وفي نثرها إلى ما بينها وبين وسطها من عدم التفاهم. وهاكن أبياتا تدل على ما حاولته في سبيل التآلف والتفاهم، في حين وسطها لم يبذل من ناحيته جهدا ولم يبد لملاقاتها اهتماما:
عقدت عزمي وهم حلوا عزائمهم
وفي العزائم محلول ومعقود
ما طابقوا حين لم يبدوا مجانسة
ولا تشابه معدوم وموجود
Página desconocida