فقالت باقتضاب: إنه شاعر أيها الكائن الأكبر.
ولذت بالصمت بغير اقتناع، فقالت بثقة: سوف يعرف واجبه تماما.
فقلت مستجمعا شجاعتي: مولاتي تعرف عواقب الكفر بالآلهة على العرش!
فقالت بضيق: لا خوف على عبادة الآلهة!
فقلت مستزيدا من شجاعتي: أمامنا حل إذا مست الضرورة إليه، وهو أن نولي أحد ابنيك الصغيرين وتكوني الوصية على العرش!
فقالت بحزم: سيحكم أمنحتب الرابع؛ لأنه ولي العهد.
هكذا غلبت الأم العاشقة الملكة الحكيمة، وضيعت فرصة النجاة، وأتاحت للقدر أن يضرب ضربته القاتلة.
ورجع ولي العهد المؤنث المجنون. ودفن الملك الأب في موعده. وسرعان ما طلبت لمقابلته بصفته الرسمية. لأول مرة أراه عن قرب وأمعن فيه النظر. كان ذا سمرة غامقة، وجسم طويل نحيل، وعينين حالمتين، وتكوين أنثوي لا يخفى على أحد، أما ملامحه فمتنافرة مثيرة للقلق. إنه كائن هزيل حقير لا يليق بعرش، ولا يتصور أن يتحدى بعوضة لا آمون سيد الآلهة. وداريت تقززي وعزيته مقتبسا من حكم الحكماء وشعر الشعراء، وهو يرمقني بنظرات محيرة، لا كراهية فيها ولا تحد ولا ود. وشتت منظره فكري لدرجة أن غلبني الصمت، فبادرني هو قائلا: طالما تسببت لي في مناقشات مرهقة مع والدي!
فاسترددت قدرتي على الكلام فقلت: لا هم لي في الحياة إلا آمون والعرش ومصر والإمبراطورية ...
فقال بهدوء: لديك ما تقوله ولا شك.
Página desconocida