La genialidad del Imán Alí
عبقرية الإمام علي
Géneros
فليس فيما لدينا من الأخبار والملامح ما يدل على ألفة حميمة بينه وبين أحد من الصحابة المشهورين، وليس فيها كذلك ما يدل على عداوة وبغضاء ... بل ليس في أخباره جميعا ما يدل على طبيعة تحقد على الناس، وإن دلت أحيانا على طبيعة يحقد الناس عليها ويفرطون.
فمن المعلوم أن عليا كان يرى أنه أحق بالخلافة من سابقيه، وأنه لم يزل مدفوعا عن حقه هذا منذ انتقل النبي - عليه السلام - إلى الرفيق الأعلى، واحتج المهاجرون على الأنصار في أمر الخلافة بالقرابة منه - صلوات الله عليه. قال: «ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله
صلى الله عليه وسلم
فلجوا
1
عليهم ... فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم، وإن بغيره فالأنصار على دعواهم.»
كذلك كان رأيه في الخلافة يوم بويع بها الصديق، ثم بويع بها الفاروق، ثم بويع بها عثمان ...
وجاءت قضية الإرث بعد قضية الخلافة في أوائل عهد الصديق، فباعدت الفرجة بين القلوب، وأطالت العزلة بين الأصحاب ... وخلاصة هذه القضية، أن فاطمة والعباس - رضي الله عنهما - طلبا ميراثهما في أرض فدك وسهم خيبر، فذكر لهما الصديق حديث النبي عن إرث الأنبياء، ونصه في روايته: «نحن - معاشر الأنبياء - لا نورث ... ما تركناه فهو صدقة ... إنما يأكل آل محمد من هذا المال.»
فغضبت فاطمة، ولم تكلمه حتى ماتت ... ودفنها علي ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر ... وقيل: إن عليا تخلف عن البيعة ستة أشهر إلى ما بعد وفاتها، ثم أرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد ... وتلقاه وعنده بنو هاشم، فقال: «إنه لم يمنعنا من أن نبايعك يا أبا بكر إنكار لفضيلتك، ولا نفاسة عليك بخير ساقه الله إليك، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا فاستبددتم به علينا.»
ومع هذا اليقين الراسخ عنده في حقه وحق غيره، نرجع إلى سيرته وأحاديثه ... فنرى ولا ريب أنها أقل ما تشعر به النفس الإنسانية في هذه الحالة من النفرة والنقمة، ولا نجد في خطبه ومساجلاته التي ذكر فيها الخلفاء السابقين كلمة تستغرب من مثله، أو يتجاوز بها حد الحجة التي تنهض بحقه ... بل الغريب أنه لزم هذا الحد ولم يجاوزه إلى جمحة غضب تفلت معها بوادر اللسان، ولو جاوزه لكان عاذروه أصدق من لائميه ...! •••
Página desconocida