La genialidad del Imán Alí
عبقرية الإمام علي
Géneros
فكان يعرف العدو عدوا حيثما رفع السيف لقتاله ... ولكنه لا يعادي امرأة ولا رجلا موليا، ولا جريحا عاجزا عن نضال، ولا ميتا ذهبت حياته ولو ذهبت في سبيل حربه ... بل لعله يذكر له ماضيه يومئذ، فيقف على قبره ليبكيه ويرثيه ويصلي عليه.
وهذه الفروسية هي التي بغضت إليه أن ينال أعداءه بالسباب، وليس من دأب الفارس أن ينال أعداءه بغير الحسام.
فلما سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حروبهم بصفين، قال لهم: «إني أكره أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالهم حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به.»
وربما شذ عن سنته هذه في بعض الأحايين، فإذا به لا يشذ عنها إلا كما يشذ الفرسان حين تغلبهم بوادر اللسان ... فندر بين رجال السيف من يسمع الكلمة المغضبة، فلا ينطق لسانه بكلمة عوراء يجاري بها غضبه الذي طبع على إبدائه ولم يطبع على كتمانه.
ومن قبيل هذا كلمات قالها علي في ابن العاص وفي معاوية، وفي الأشعث بن قيس وغير هؤلاء، ولكنه لم يجعلها ديدنا له كما سبوه على المنابر، وأشاعوا مذمته بين أهل الأمصار.
شغب عليه الأشعث بن قيس ومرد عليه الجند، وأفشى بين أنصاره الفتنة وقاطعه مرة وهو يخطب على منبر الكوفة، فأغضبه وهاج غيظه فبدره بقوله: «عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين: حائك ابن حائك، منافق ابن كافر، والله لقد أسرك الكفر مرة والإسلام أخرى، فما فداك من واحدة منهما مالك ولا حسبك، وإن امرأ ولى على قومه السيف، وساق إليهم الحتف لحري أن يمقته الأقرب ولا يأمنه الأبعد.» •••
وطفق ابن العاص ينعته بين أهل الشام بالهزل والدعابة، ويأمر بسبه على المنابر حتى وجب رده وإدحاض زعمه، فقال - رضي الله عنه - في بعض خطبه: عجبا لابن النابغة! ... يزعم لأهل الشام أن في دعابة وأني امرؤ تلعابة: أعانس وأمارس
1 ... لقد قال باطلا ونطق آثما، أما - وشر القول الكذب - إنه ليقول فيكذب، ويعد فيخلف، ويسأل فيبخل، ويخون العهد ويقطع الإل،
2
فإذا كان عند الحرب فأي زاجر وآمر هو ما لم تأخذ السيوف مآخذها، فإذا كان ذلك أكبر مكيدته أن يمنح القوم سبته، أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة، إنه لم يبايع معاوية حتى شرط أن يؤتيه آتية، ويرضخ له على ترك الدين رضيخة.
Página desconocida