المطلب الثاني
موطنه، ونشأته، وطلبه للعلم
تقدم الكلام في نسبته، إلى أن شيخنا، من منطقة بلبيس، وأن الحوف هو ريف المنطقة، وأنه من قرية يقال: "شُبْرَا النخلة"، ومن هنا أستطيع أن أقول: أنه نشأ في طفولته في منطقة ريفية.
ولقد تعلم القرآن في قريته ومبادئ العلوم على أيدي مشايخ بلبيس، ثم رحل إلى القاهرة واستوطن بها وطلب العلم على أيدي علمائها الأجلاء. ثم رحل إلى المغرب، وأخذ العلم عن شيوخ المغرب ثم عاد إلى مصر مسقط رأسه مرة أخرى، وظل يطلب العلم على أيدي مشايخها، حتى صار عالما، حيث كتب وصنف مصنفات عديدة (١).
وهذا كله دليل واضح أن طلاب العلم في تلك الأزمنة السيئة من الناحية السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، لم يمنعهم ذلك من طلب العلم والرحلة في سبيل تحصيله، وكانوا لا يَرْضَوْنَ بالمقام بين علماء بلد واحد، بل لا بد أن يعددوا مشاربهم دون الاقتصار على عالم معين، لأنهم لا يريدون إلا علما واسعا حرا غير محتكر حتى لا يتأثروا برأي دون رأي إلا إذا كان أرجح عن دليل، وهم غير ملزمين بكتاب دون آخر، وهذا في نظري هو السر في تفوق علمائنا القدامى-والله تعالى أعلى وأعلم.
_________
(١) القفطي، مرجع سابق، ٢/ ٢٢٠. ابن خلكان، مرجع سابق،١/ ٤١٨.السيوطي، بغية الوعاة، مرجع سابق،٢/ ١٤٠.
1 / 38