وينبغى أن يعتمد في قصة إبراهيم ﵇ في هذا الاعتبار أنه ﷺ في قوله: "هذا ربي " (آية: ٧٨) إنما قصد قطع حجة من عبد شيئا من ذلك، إذ كان دين قومه، فبسط لهم الاعتبار والدلالة، وأخذ بعرض ما قد تنزه قدره عن الميل إليه، فهو كما يقول المناظر لمن يناظره هب أن هذا على ما تقول يريد بذلك إذعان خصمه (واساتدناءه) للاعتبار حتى يكون غير (منافر له
فيسلم له ما لا يعتقده ليبنى على ذلك مقصوده لقنع خصمه وهو على يقين من أمره.
فهذا ما ينبغى أن يعتمد هنا لقول يوسف ﵇ "ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء" (يوسف: ٣٨) فالعصمة قد اكتنفتهم عما يتوهمه المبطلون ويتقوله المفترون، ويشهد لما قلناه قوله تعالى: "وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه " (آية: ٨٣)، فهذه حال من علت درجته من الذين يسمعون، فمن الخلق من جعله الله سامعا بأول وهلة، وهذا مثال شاف في ذلك، ومنهم الميت، والموتى على ضربين منهم من يزاح ضربين عمهه، ومنهم من يبقى في ظلماته ميتا لا حراك به يبين ذلك قوله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا) .
1 / 207