Bismarck: Una Vida de Lucha

Cadil Zucaytar d. 1377 AH
161

Bismarck: Una Vida de Lucha

بسمارك: حياة مكافح

Géneros

وهكذا يخف فؤاد ذلك الألماني عندما يكون في صحبة غرباء ، ولا سيما امرأة جميلة تفتنه، وهكذا يخف فؤاد ذلك الألماني عندما يمتع نفسه بساحل البحر كسولا عدة أسابيع، فلا يتفق له مثل ذلك في غابات وطنه؛ ففي الآفاق الواسعة والأيام اللامعة والأجواء الزرق الساطعة والبحار البراقة والشمس الحارة وثياب النساء الزاهية واللغة المطربة؛ يتجلى خيال الألماني.

والآن حين ترافقه زوجته وابنته المتوجعتان، وحين يخلو المكان من السيدة الروسية، وحين يمتلئ ذهنه بالخطط، يبدو الساحل ذا منظر مختلف، والآن يقيم الكاتب المشهور بروسبير مريمه ببياريتز، وعلى ما كان من أجنبية بسمارك عنه ينفذ أخلاقه أكثر من أي ألماني كان، فاسمع قوله: «إن بسمارك أنبه من أي ألماني كان، إن بسمارك هو هانبولد الدبلمي، هو ألماني عظيم مهذب، هو عاطل من البهجة كما يلوح، هو يفيض ذكاء.» واسمع قوله بعد عام: «إن هذا الرجل العظيم كامل العدة، فلا ينبغي لنا أن نثيره، وخير لنا أن نغص بسببه حتى يكون لدينا مثل إبر بنادقه.» ولا يسع الإنسان إلا أن يعجب بذلك القطب السياسي أكثر مما أعجب به ذلك الكاتب؛ فبسمارك متفنن قادر على إبداء شيء من التحول، فكان الذي أظهره من انتحال بعض أوضاع ذلك البلد انتحالا كان في أشد الاحتياج إليه، فهل يقدر على خدع الإمبراطور؟

كلا الرجلين يمشي على الرصيف قريبا من البحر، ويبدو بسمارك قويا صحيح البنية حاد البصر فلا يغيب عن باله أن يسير في كل عودة عن شمال الإمبراطور، ويبدو الإمبراطور أصفر أحدب أشيب قبل الأوان، وإن كان عمره لا يزيد على عمر بسمارك بسوى سنوات قليلة، فيظهر قصير الخطا حائر البصر، ويسير الكلب نيرو وراءهما رويدا رويدا، ومن يقدر أن يبصر الحرب التي ستقع بين الرجلين بعد خمس سنوات يمكنه أن يرى نتيجتها من خلال نظراتهما.

بيد أن من يسمعهما يشك في احتمال نشوب الحرب بينهما ذات يوم، وكان كلاهما راغبا عن القتال، وكان الإمبراطور مصابا بالكباد

9

فلا يخاف شيئا خوفه من حرب جديدة، وإن ود في أيام صحته «اشتعال حرب في كل سنتين»، وإذا ما وجب عليه أن يحارب الآن رأى الخير في وقوع ذلك على شواطئ البحر المتوسط أو في البندقية حتى ينزل ضربة في سبيل إيطالية وانتصارا لمبدأ حرية الأمم ونيلا لشيء من السلطان وتحقيقا لآمال الفرنسيين. وأهداف كهذه إذ كانت لا تبلغ بغير حرب ضد النمسة، رأى الإمبراطور مظاهرة بروسية وصولا إليها، وماذا يطلب من بروسية في مقابلة هذه الخدمة العظيمة؟

وماذا يطلب نابليون الثالث؟ ذلك ما سأله بسمارك في نفسه غير مرة، ولا يستطيع بسمارك أن يقطعه أرضا ألمانية، ولا يدور في قلب الفرنسي أن يضم إليه أملاكا نمسوية، ويكلمه بسمارك في أمر بلجيكة، ويتحفظ نابليون فيلخص الوضع على الطريقة الميفيستوفلية

10

فيقول: «إن من الصعب أن تعرض أملاك أجنبية على رجل راغب عنها.» ثم يكلمه بسمارك عن سويسرة الفرنسية وعن أراض ألمانية واقعة على ضفة الرين وعن تريف ولندو، ويحدث ذلك كله حين سير الرجلين ذهابا وإيابا، ويحدث ذلك كله ضمن معنى الكلمة القائلة «لا نعرض عليك أرضا، ولكنك إذا ما استوليت عليها لم تجد أحدا يعترض دونك.» ويدع الإمبراطور أمر الضم غير صريح، وينطق بقوله العام: «نرحب ببروسية الموسعة المحرزة من أية عبودية.»

بسمارك :

Página desconocida