ووقف الشقيقان في دهشة وحسنين يتناول جاكتته ويرتديها بسرعة متسائلا: ماذا يريدون؟
وكانت نفيسة تردد بصرها بينهم وبين القادمين فقالت فجأة بذعر: رباه .. لقد دخلوا الصالة.
واندفع الشابان خارج الحجرة فوجدا ضابطا وشرطيين، ورجلا آخر يبدو من مظهره أنه مخبر، فتقدم حسنين من الضابط متسائلا: ماذا تريد حضرتك؟
قال له الضابط: لا مؤاخذة، لدي أمر بتفتيش هذه الشقة!
وأطلعه على أمر كتابي فنظر فيه حسنين بعينين لا تريان شيئا، على حين سأل حسين: لعلك أخطأت الشقة، ماذا يدعو لتفتيش بيتنا؟
فقال الضابط: نحن نبحث عن حسن كامل علي الشهير بالروسي!
وجم الشابان وهما ينظران إلى الضابط في انزعاج وقنوط، وكانت المرأتان تقفان على عتبة الحجرة فركبهما الذعر وتسمرتا في مكانهما. وعاد الضابط يقول: لقد قبض على بعض شركائه، ولكنه اختفى قبل القبض عليه، ودلنا بعضهم على مسكنه الأول وتحققنا من هذا بواسطة شيخ الحارة.
فقال حسنين بصوت متهدج: ولكنه لا يقيم هنا، لقد غادر بيتنا منذ أعوام ولا ندري عنه شيئا.
فهز الضابط رأسه وقال: على أي حال سأقوم بتفتيش الشقة تنفيذا للأمر.
وبدأ التفتيش فتراجع أحد الجنديين إلى الباب واقتحم الضابط والآخران الحجرات، وقد جمد الشقيقان في موقفهما كأنهما استحالا حجرين، وقال حسنين لنفسه: «سأذكر هذه الساعة ما حييت!» وتبع خياله الضابط وهو ينتقل من حجرة إلى حجرة، وكأنه يرى معه الحجرات الخالية العارية ويقلب أثاثها البالي الحقير ظهرا لبطن، لم يكن تفتيشا عن حسن فحسب؛ لأن حسن لا يمكن أن يختبئ في درج المكتب أو تحت حشية الفراش؛ فالفضيحة أفظع مما يتصور، وحتى في تلك اللحظة الرهيبة لم يستطع أحد أن ينتزع من نفسه الخجل الجارح الذي عفى عزة نفسه والضابط يهتك بعينيه المتفحصتين حقارة البيت وفقره، وبلغ مسمعه - على ذهوله - صوت بكاء مكتوم فارتفع بصره إلى نفيسة وصاح بها بحدة جنونية: اكتمي أنفاسك!
Página desconocida