فقالت خديجة بلهجة توحي بالدعابة: تعبك راحة، ولكن إياك وأن تعودي إلى إرعابنا ... (ثم بنبرات غلبها التأثر) كيف هاجمك ذاك الألم المخيف؟! ... لقد حسبتك استغرقت في النوم، وأنت على أحسن حال، واستلقيت لأنام بدوري، وإذا بي أستيقظ على أنينك، ثم لم تمسكي عن آه ... آه حتى مطلع الفجر.
وتهلل وجه عائشة بالتفاؤل وهي تقول: على أي حال أبشري، لقد أخبرت فهمي عن حالك حين سألني عن صحتك في الصباح، فقال لي إن الألم الذي انتابك دليل على أن العظم المكسور كان آخذا في الالتئام.
وجذبها اسم فهمي من لجة أفكارها فتساءلت: ذهبوا بسلامة الله؟
فقالت خديجة: طبعا، كانوا يودون محادثتك ليطمئنوا عليك بأنفسهم، ولكني لم أسمح لأحد بأن يوقظك من النوم الذي لم تدخليه حتى شيبتنا.
فتنهدت الأم في استسلام: الحمد لله على كل حال، ربنا يجعل العواقب سليمة ... في أي وقت نحن الآن؟
فقالت خديجة: كلها ساعة ويؤذن الظهر.
ودعاها تأخر الوقت إلى أن تخفض عينيها متفكرة، ثم رفعتهما فإذا بهما تعكسان نظرة قلق، وتمتمت: لعله الآن في الطريق إلى البيت.
وأدركتا من تعني، ومع أنهما شعرتا بدبيب الخوف في قلبيهما، إلا أن عائشة قالت بثقة: أهلا به وسهلا، لا داعي للقلق، اتفقنا على ما ينبغي أن يقال وانتهى الأمر.
ولكن اقتراب عودته أشاع في نفسها المهزولة القلق فتساءلت: ترى هل يمكن التستر على ما وقع؟
فقالت خديجة بصوت ارتفعت حدته بنسبة قلقها المتزايد: ولم لا؟ ... سنخبره بما تم الاتفاق عليه فيمر الأمر بسلام.
Página desconocida