173

Entre dos palacios

بين القصرين

Géneros

يزيدنا بركة يا شيخ متولي ... والأولاد وأمهم، ألم يدركهم الفزع؟ - طبعا ... قلوب ضعيفة لا عهد لها بالقسوة والإرهاب، الحجاب ... الحجاب ... وفيه الشفاء. - أنت الخير والبركة يا شيخ متولي ... لقد نجاني الله من شر كبير، ولكن ثمة شر لا يزال يتهددني ويقض مضجعي.

مال وجه الشيخ نحو السيد في عطف مرة أخرى وتساءل: ماذا بك يا بني عفا الله عنك؟

فرنا السيد إليه بطرف واجم وغمغم في ضجر: ابني فهمي ...

فرفع الشيخ حاجبيه الأشيبين متسائلا أو منزعجا، ثم قال برجاء: محفوظ بإذن الرحمن.

فهز السيد رأسه بأسى، وقال: عقني لأول مرة والأمر لله ...

فبسط الشيخ متولي ذراعيه أمامه كأنما يتقي بهما البلاء، وهتف: معاذ الله، فهمي ابني، وأنا أعلم علم اليقين أنه طبع على البر.

فقال السيد أحمد متسخطا: يأبى حضرته إلا أن يفعل كما يفعل الشبان في هذه الأيام الدامية.

فقال الشيخ في دهش واستنكار: أنت أب حازم ما في ذلك شك، ما كنت أتصور أن ابنا من أبنائك يجرؤ على أن يرد لك أمرا.

حز هذا القول في قلبه، حتى أدماه وضاق به صدره، ثم وجد من نفسه نزوعا إلى التهوين من عصيان ابنه ليدفع عن شخصه تهمة الضعف أمام الشيخ وأمام نفسه معا، فقال: لم يجرؤ على هذا صراحة طبعا، ولكني دعوته إلى أن يحلف على المصحف بألا يشترك في أي عمل من أعمال الثورة فبكى، بكى من دون أن يجسر على قول لا، ما عسى أن أصنع؟ لا أستطيع أن أحبسه في البيت، ولا يسعني أن أراقبه في المدرسة، وأخاف أن يكون تيار هذه الأيام أقوى من أن يقاومه شاب مثله، ماذا أصنع؟ ... أأهدده بالضرب؟ ... أضربه؟ ... لكن ما عسى أن يجدي التهديد مع شخص لا يبالي تعريض نفسه للموت!

فمسح الشيخ على وجهه، وتساءل بقلق: وهل ألقى بنفسه في المظاهرات؟

Página desconocida