ولما وصلنا إلى البيت أخذ درتيل البارون من إبطه إلى غرفته الخاصة، أما أنا فوجدت جونريت مرتمية على المقعد بلا حراك، فاقتربت منها، وجعلت أسكب الماء على وجهها إلى أن أفاقت، فلما رأتني نظرت إلي نظرة محزنة، وجعلت تبكي وتنوح، وتلطم خديها، ثم أشارت بيدها إلى غرفة ريتا، وقالت بصوت متقطع، ماتت ... ففاضت الدموع من عيني، وخفق قلبي من شدة الجزع، وذكرت عندئذ ما قالته لي آخر مرة اجتمعت بها: «إنني أعيش لأجل هنري ، فإذا مات فإما أقتلك وإما أنتحر.»
قالت بعد أن ذهبتم إلى القرافة طرقت باب غرفتها فلم يجبني أحد، ثم سمعت طلقا ناريا، ثم أنينا، ولم أعد أسمع شيئا، فهرع الخادم وكسر الباب، وإذا بها تختبط بدمائها، وكانت على آخر دقيقة من عمرها فدنوت منها وقبلتها وبكيت، فنظرت إلي نظرة، وقالت: مكسيم، مكسيم، ثم فاضت روحها، فلما سمعت كلام جونريت نهضت إلى غرفة ريتا، فوجدت الباب مكسورا فدخلت وإذا الحبيبة ملقاة على السرير الذي كنت أرى فيه غير هذه الجثة الباردة، وكانت مقاطع وجهها التي غيرها الهوى والأحزان قد استكانت، وعاد لها جمالها القديم، وكان ثغرها مبتسما، كأنها أدركت بالموت راحة ونعيما.
وكانت يدها لم تزل ممسكة بالغدارة، وعلى صدرها ثقب كبير فيه دم متجمد، وفي حالها هذه ما يدل على أنها ماتت مسرورة، وأن يدها لم ترتجف حين إطلاق النار. (تمت)
Página desconocida