Batl Fatif Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Géneros
إن الحكومة الإنكليزية تلقت أثناء جميع المفاوضات التي دارت في خريف العام الماضي أصدق الأدلة وأوضحها وأقطعها؛ ليس فقط على رغبة بلاط النمسا وبريطانيا وبروسيا وروسيا على حب الوصول إلى اتفاق مع الحكومة الفرنساوية على التسوية اللازمة لتسكين الشرق، بل على رغبتها - فوق ما تقدم - في إظهار الأهمية التي تعلقها هذه الدول على النتيجة الأدبية التي تنجم عن هذا الاتحاد والتعاون بين الدول الخمس في مسألة ذات خطر عظيم، وهي متصلة كل الاتصال بالسلام الأوروبي.
ولكن الدول الأربع رأت - مع الأسف الشديد - أن جميع مجهوداتها للوصول إلى هذا الغرض كانت عقيمة، مع أنها اقترحت مؤخرا على فرنسا أن تتحد معها لعرض مقترحات التسوية على السلطان ومحمد علي، وهذه التسوية مؤسسة على الآراء التي أبداها سفير فرنسا في لندن في آخر العام الماضي، ومع ذلك لم تر الحكومة الفرنساوية الاشتراك للوصول إلى هذا الاتفاق، وعلقت معاونتها مع الدول الأخرى على الظروف التي رأت هذه الدول أنها لا تتفق مع صيانة استقلال الدولة العثمانية وبقائها، ومع راحة أوروبا في المستقبل.
فلم يبق أمام هذه الدول إلا أن تدع لحكم المستقبل الشئون الهامة التي تعهدت بتسويتها، وأن تقر بعجزها وتدع سلام أوروبا عرضة للأخطار التي تتزايد، أو تخطو إلى الأمام دون فرنسا، وأن تصل بوسائلها الخاصة إلى حل مسائل الشرق طبقا للوعود التي قطعتها مع السلطان وهي تكفل السلام.
وبين هذين الموقفين، واعتقاد الدول بضرورة الحل السريع لتعلقه بالمرافق المتعلقه عليه؛ رأت الدول الأربع اختيار الموقف الثاني، وقد أبرمت مع السلطان اتفاقا لحل المشاكل القائمة الآن في الشرق.
وعندما وقعت الدول الأربع الاتفاق، شعرت بالأسف الشديد؛ لانفصالها مؤقتا عن فرنسا في مسألة أوروبية بحتة. والذي يخفف من الأسف أن فرنسا كررت تصريحاتها بأنها لا تعترض على التسوية التي تقرها الدول الأربع، وتحمل محمد علي على قبولها إذا هو ارتضاها، ولا تعترض على الوسائل التي تتخذها الدول بالاتفاق مع السلطان لإكراه محمد علي باشا مصر على القبول، وأن السبب الوحيد الذي منع فرنسا عن الاتحاد هو اعتماد الدول على الوسائل الإكراهيه ضد محمد علي.
ثم أعربت المذكرة عن الأمل بأن تستخدم فرنسا نفوذها لدى محمد علي ليقبل ما سيعرضه عليه السلطان.
الفصل الثاني عشر
ثورة اللبنانيين وأسبابها.
بين الدول وفرنسا. ***
لما تلا اللورد بالمرستون باسم الدول الأربع المذكرة على سفير فرنسا بأنهن اتفقن مع الباب العالي على أن يقدم مقترحاته لمحمد علي، وعلى أن يتخذن وسائل الإكراه ليحملنه على قبولها؛ لم يشأ أن يبين للسفير تلك الوسائل، فردت فرنسا على مذكرة الدول الأربع بمذكرة في 21 يوليو، قالت فيها:
Página desconocida