Lamentaciones: Seis lágrimas por un alma árabe
بكائيات: ست دمعات على نفس عربية
Géneros
ذعر الحرس ودبت فيهم الحركة، صلصلت السيوف ودوت السياط. لكن الذهول سمر أقدامهم في الأرض، راح الصراخ يشق صدري وحنجرتي: هذا صنم كافر، طاغوت شيطان فاجر، هل نعبد صنما أو نعبد رب الأكوان؟ أولم نتحرر بالإسلام؟
قال الإمام في هدوء: وأنا سيف الإسلام.
التف الحراس حولي، رفعوا البنادق العتيقة والسيوف الطويلة اللامعة، وصوبوها إلى صدري ووجهي. أشار لهم الإمام ، فتحولوا إلى أصنام، ثم أشار إلي لأقترب منه: شيطان كافر؟ خرج الصوت اللاهث: بل مثلك إنس، لكني أحيا في ضوء الشمس. نفذ صوته الحاد في أذني: ونحن؟ أموات نحن؟ انطلق الصوت الهادر المشروخ: أنت وهم؟ تحيون، ولكن في الأكفان، في كهف الماضي العفن المظلم كالديدان، بل أنتم لا شيء لا في الحاضر أو في الماضي، بل خارج كل زمان.
قال الإمام، وهو يمد نحوي فم أفعى سام: وأنا؟ أين أكون؟ صمت: أنت الصنم الطاغوت أدخلت اليمن بكهف الصمت الملعون، وأقمت السور الطين. وغدا ينهدم السور، ويندق النور، وتنهار سجون وسجون.
ضحك الإمام، وقال في ثقة العارف: غريب أنت؟ من أتباع الكافر ماركس والفاسق لينين؟ أنا أعرفك وأعرفهم. طاشت ثورتكم يا مسكين. قلت في هدوء: الثورة آتية، والفجر قريب.
ضحك وقال: من أين ستأتي يا مجنون؟ نحن هنا في ظل المصحف يحكمنا الشرع.
صحت في الجموع: بل تحكم بالسيف، وتقتل بالسيف.
قال وهو يشير إلى حراسه: أنت حكمت على نفسك. هيا يا حراس، لا لا! انتظروا، وسيحكم فيه هذا الكلب!
بإشارة من يده قفز الكلب من فوق المحفة على صدري. جثم علي ولفحتني أنفاسه الحارة. انغرزت أسنانه في لحمي، وسال الدم من وجهي وذراعي وساقي. صارعته وصارعني، لو كان كلبا واحدا لقاومته وطرحته أرضا، وجثمت عليه، وغرزت فيه أسناني، لكن كلابا أخرى هجمت علي، وأخذت تنهش لحمي، وتلعق دمي. كلاب مسعورة من كل لون وجنس وشكل. من أين جاءت؟ هل أطلقها «العكفة» بعد أن دربوها؟ هل كانت هي الأخرى تصلي وراء الإمام؟ وانهالت علي اللكمات والصفعات من كل جانب، وانضمت الكلاب البشرية والجراد الملتحي إلى المعركة. والجميع يهتفون ويزغردون ويرقصون على جثماني: غريب كافر، كلب ثائر، نحن ننفذ حكم الشرع، نحن ننفذ حكم الشرع.
لا أدري كيف خرج الصوت من جثتي الغارقة في الدم والطين والعذاب: حكم الشرع هو العدل، عودوا للرب الحق، للرب الحاكم بالمصحف لا بالسيف. نحوا الطاغوت الحاكم بالسيف، يقطر منه الدم أنهارا منذ معاوية ويزيد والحجاج على الأعناق يرف، نحوا السياف، ونحوا السيف.
Página desconocida