أقول: وهذا المذهب أقوى دليلا وأقوم سبيلا من الذي قبله لهذه الأدلة، ولما في مشورة العالم من امكان الإطلاع على دليل القول الذي يرشده عليه ويأمره بالأخذ به، فيكون بذلك آخذا بالدليل الذي سمعه فينزل في وجوب المشاورة للعالم عند وجوده منزلة القادر على الاجتهاد، ولا يخفى أن حكم من كان مجتهدا ولم يطلع على الأدلة في شيء من الأحكام أن حكمه في ذلك حكم الضعيف لأنه في ذلك الحكم ضعيف أيضا بناء على القول بتجزئ الاجتهاد وهو مذهب الامام الكدمي - رضي الله عنه - وفي قول ثان ان الاجتهاد لا يتجزأ فلا يكون مجتهدا حتى يكون عالما بجميع الأدلة من الكتاب والسنة، والأول هو المختار والله أعلم.
(42)(وخطأ العالم في الفتوى همل والوزر والضمان للذي عمل)
الخطأ نوعان؛ أحدهما: أن يكون صاحبه معتقدا اصابة الحق فيما أفتى به ويظن أنه صواب وهو مخالف للحق، فهذا غير معذور من الأثم والضمان كان عالما أو جاهلا اذا حرم ما أحل الله أو أحل ما حرم الله، وقد حصل التحرز من هذا النوع بقول الناظم:(وخطأ العالم) لأن صاحب هذا النوع وان كان عالما في غيره فهو جاهل به.
Página 109