Mis Documentos … Mi Vida (Primera Parte)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Géneros
كنت في السادسة من العمر حين كنت أجلس إلى جوار ستي الحاجة فوق عتبة الدار في قريتنا «كفر طحلة»، تفرش أمامها الحصيرة من فوقها الأرز أو القمح أو الغلة، تلتقط من بينها الحصى بأصابعها الكبيرة المشققة، كل من يمر أمامها في الطريق من الفلاحين أو الفلاحات يقول:
العواف يا أم السيد أفندي.
تمد ستي الحاجة عنقها القوي العضلات من طول حمل الزكائب أو زلع الماء، تشمخ بأنفها المرتفع حين تسمع كلمة «الأفندي»، ترد التحية مضاعفة:
يا اخويا، العوافين عليكي يا أختي.
ثم تعود إلى التنقية بأصابعها السمراء المحروقة بالشمس، تكمل حكاية السعداوي، الجد الأكبر لأبي، لم يكن يذكر من أهله في الحبشة أو الجنوب إلا أمه «حبشية».
أستمع إلى حكاية جدتي، فمي مفتوح، خيالي يسبح مع قارب القش أو الجريد فوق مياه النيل، صوتها يسري في أذني كأنما من عالم مسحور:
أمه كان اسمها حبشية، ماكانش له أب، تمام زي سيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهما السلام، كان يحكي عن أمه حبشية كأنها ستنا مريم، شلاه يا ست، ويقول: أمي حبشية كانت من الأشراف في الحبشة، عندها الأملاك والعبيد ولا الملكة بلقيس في زمانها، وكان أهل الكفر يصدقونه إلا المرحومة أمي كانت تقول لي: «إذا كانت أمه حبشية من الأشراف بصحيح، ليه ربنا ماجابش سيرتها في القرآن؟ لازم أمه حبشية كانت جارية من الجواري أو واحدة من عبيد السلطات.» كانت المرحومة أمي تكره السعداوي كره العمى، وتقول: إنه «شيطان ابن شيطان»، عينيه في الليل تطق شرار، ويغيب طول الصيف ماحدش يعرف له قرار، وفي الشتا يرجع يرقد فوق الفرن، ويزعق على واحدة من نسوانه، كان يتجوز ويطلق، ويتجوز على كيفه، وما حدش يعرف عدد نساوينه، يدخل الدار ويخرج ولباسه على كتفه، وماكانشي يحفظ من القرآن إلا:
فانكحوا ما طاب لكم من النساء .
وكان له ابن كشر غلس زيه تمام، اسمه حبش، سماه على اسم امه حبشية، وجوزه لواحدة من الكفر ماتت بعدما جابت له ولدين، وكنت أنا عيلة صغيرة ألعب مع العيال وبزازي ماطلعوش والعادة ماجاتنيش، ويالا هوب مسكوني وجوزوني حبش، وأنا أصرخ وأقول: يامه، انتي فين؟ لكن الولية اللي ماتتسماش، أم محمد، الداية الآرحة بنت الغازية مسكتني هي وأربعة من النساوين وكتفوني زي الفرخة، وخبوا رأسي بالطرحة وفتحوا فخادي عشان أم محمود تاخد وشي، وقريت الفاتحة على روحي، وقلت: أشهد أنا لا إله إلا الله ، محمد رسول الله.
شفت الموت، وأم محمود بتاخد وشي بصباعها زي المسمار يشق لحمي زي النار، والطبل بيدق في وداني زي الشواكيش وقلت لنفسي: خلاص يا بت يا مبروكة، روحك طلعت ودي جنازتك مش جوازتك، أي والله يا بنت ابني، الجوازة في بلدنا زي الجنازة بصحيح.
Página desconocida