فقال جبل بحدة وضيق: قلت لك ...
فقاطعه قائلا: يا سيدي أنا لا يهمني أن تكون قاتلا وبخاصة بعد أن ثبتت لي شهامتك. ما من رجل هنا إلا وقد سرق أو نهب أو قتل. ولكي تطمئن إلى صدق قولي فإني أدعوك إلى فنجان قهوة ونفسين في داري!
فعاود الأمل جبل وقال: حبا وشرفا.
سارا جنبا إلى جنب يخترقان السوق نحو حارة قلة، وعندما خلفا الزحام وراءهما سأله البلقيطي: أكنت تقصد أحدا في حينا؟ - لا أعرف أحدا. - ولا مأوى؟ - ولا مأوى.
فقال البلقيطي في انبساط: كن ضيفي إذا شئت حتى تجد لنفسك مأوى.
فرقص قلب جبل فرحا وقال: ما أنبلك يا معلم بلقيطي!
فقال الرجل ضاحكا: لا تعجب لذلك، في داري تقيم الثعابين والحيات فكيف تضيق عن إنسان؟! هل أفزعك قولي؟ إني حاو وستعرف عندي كيف تستأنس الثعابين!
عبرا الحارة فانتهيا إلى خلاء لا يحد. ورأى جبل في مطلع الخلاء دارا صغيرة بعيدة عن الحارة، جدرانها أحجار غير مطلية، لكنها تعتبر جديدة بالقياس إلى بيوت حارة قلة المتداعية، فأشار البلقيطي إليها وقال بفخار: بيت البلقيطي الحاوي.
34
ولما بلغا البيت قال البلقيطي: اخترت هذا المكان المنعزل لبيتي؛ لأن الناس لا يرون في الحاوي إلا ثعبانا كبيرا.
Página desconocida