91

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Géneros

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) التَّعَامُلُ مَعَ الجنِّ لَا يَجُوْزُ - وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا (١) -، وَدَلَّتْ لِذَلِكَ أُمُوْرٌ: ١) أَنَّ اسْتِمْتَاعَ الجِنِّيِّ بِالإِنْسِيِّ؛ وَالإِنْسِيِّ بِالجِنِّيِّ مُحَرَّمٌ فِي نُصُوْصِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيْعًا يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيْ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِيْنَ فِيْهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيْمٌ عَلِيْمٌ﴾ (الأَنْعَام:١٢٨)، وَلَمْ يَأْتِ مَا يُخَصِّصُ هَذِهِ الآيَةَ، وَالاسْتِعَاذَةُ بِهِم هِيَ مِنْ جِنْسِ الاسْتِمْتَاعِ بِهِم. ٢) أَنَّ تَسْخِيْرَ الجِنِّ هُوَ مِمَّا خُصَّ بِهِ سُلَيْمَانُ ﵇، وَلَا يَجُوْزُ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ. كَمَا ورَدَ فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ البَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي؛ فَأَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ؛ فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ﴾ (ص:٣٥) فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا). (٢) (٣) ٣) أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حِيْنَ دَعَا الجِنَّ إِلَى الإِسْلَامِ نَهَى ابْنَ مَسْعُوْدٍ عَنْ تَكْلِيْمِهِم، وَنَهَاهُ أَنْ يَبْرَحَ مَكَانَهُ، فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ التَّعَامُلِ مَعَهُم، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ ﷺ العِشَاءَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ حَتَّى خَرَجَ بِهِ إِلَى بَطْحَاءِ مَكّةَ فَأَجْلَسَهُ ثُمَّ خَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: (لَا تَبْرَحَنَّ خَطَّكَ؛ فَإِنَّهُ سَيَنْتَهِي إِلَيْكَ رِجَالٌ؛ فَلَا تُكَلّمْهُمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَلّمُوْكَ». (٤) (٥) وَفِي الأَثَرِ أَنَّ عُمَرَ ﵁ كَانَ يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَصْلِحُوا عَلَيْكُمْ مَثَاوِيْكُمْ، وَأَخِيْفُوا هَذِهِ الجِنَّانَ قَبْلَ أَنْ تُخِيْفَكُمْ، فَإِنَّهُ لَنْ يَبْدُوَ لَكُمْ مُسْلِمُوْهَا، وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ عَادَيْنَاهُنَّ) (٦)، وَالشَّاهِدُ مِنْهُ (فَإِنَّهُ لَنْ يَبْدُوَ لَكُمْ مُسْلِمُوْهَا).

(١) وَلَوْ كَانَ المَقْصُوْدُ هُوَ اسْتِخْدَامَ الجِنِّ المُسْلِمِ بِغَرَضِ العِلَاجِ مِنَ المَسِّ، أَوْ فِي قَضَاءِ حَاجَاتِ المُسْلِمِيْنَ، وَذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ العَمَلِيَّةِ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَلِأَصْحَابِهِ الكِرَامِ. اُنْظُرْ أَشْرِطَةَ فَتَاوَى سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّوْرِ (ش٤٥٥) لِلشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ ﵀، وَاُنْظُرْ أَيْضًا أَشْرِطَةَ شَرْحِ العَقِيْدَةِ الوَاسِطِيَّةِ (ش٢٨) لِلشَّيْخِ صَالِحِ الفَوْزَانِ حَفِظَهُ اللهُ، وَاُنْظُرْ أَيْضًا أَشْرِطَةَ شَرْحِ العَقِيْدَةِ الوَاسِطِيَّةِ (ش٤) لِلشَّيْخِ عَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ بَازٍ ﵀، خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِ الإِسْلَامِ ﵀ فِي جَوَازِ ذَلِكَ - أَوْ مَا قَدْ يُفْهَمُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ - كَمَا هُوَ مَذْكُوْرٌ فِي مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى (٨٧/ ١٣) حَيْثُ قَالَ ﵀: (النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَعْمِلَهُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُوْلِهِ كَمَا يُسْتَعْمَلُ الْإِنْسُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَيَأْمُرَهُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُوْلُهُ وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمْ اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ كَمَا يَأْمُرُ الْإِنْسَ وَيَنْهَاهُمْ، وَهَذِهِ حَالُ نَبِيِّنَا ﷺ وَحَالُ مَنْ اتَّبَعَهُ وَاقْتَدَى بِهِ مِنْ أُمَّتِهِ؛ وَهُمْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ، فَإِنَّهُمْ يَأْمُرُونَ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ). وَرَاجِعْ لِزَامًا كَلَامَ الشَّيْخِ صَالِحِ آلِ الشَّيْخِ حَفِظَهُ اللهُ فِي أَشْرِطَةِ شَرْحِ العَقِيْدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ (ش٤٩) فِي بَيَانِ تَوْجِيْهِ كَلَامِ شَيْخِ الإِسْلَامِ ﵀. (٢) البُخَارِيُّ (٣٤٢٣). (٣) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (٤٥٩/ ٦): (وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ تَرَكَهُ رِعَايَةً لِسُلَيْمَانَ ﵇. (٤) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٨٦١). صَحِيْحُ التِّرْمِذِيِّ (٢٨٦١). (٥) وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (٣٨٩) عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ (أَرْسَلَنِي أَبِي إلَى بَنِي حَارِثَةَ - وَمَعِي غُلَامٌ لَنَا أَوْ صَاحِبٌ لَنَا - فَنَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ حَائِطٍ بِاسْمِهِ، قَالَ: وَأَشْرَفَ الَّذِيْ مَعِي عَلَى الحَائِطِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي فَقَالَ: لَوْ شَعَرْتُ أَنَّك تَلْقَى هَذَا لَمْ أُرْسِلْكَ، وَلَكِنْ إذَا سَمِعْتَ صَوْتًا فَنَادِ بِالصَّلَاةِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَلَّى وَلَهُ حِصَاصٌ». وَالحِصَاصُ هُوَ الضُّرَاطُ. وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ هُوَ ذَكْوَانُ: تَابِعِيٌّ مِنَ الوُسْطَى، وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَالشَّاهِدُ هُنَا قَوْلُ ذَكْوَان (لَوْ شَعَرْتُ أَنَّك تَلْقَى هَذَا لَمْ أُرْسِلْكَ). (٦) حَسَنٌ. صَحِيْحُ الأَدَبِ المُفْرَدِ (٣٤٧).

1 / 91