أصول بلا أصول
أصول بلا أصول
Editorial
دار ابن الجوزي
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Ubicación del editor
القاهرة - جمهورية مصر العربية
Géneros
الصُّوفِيَّةُ والإلهَامُ
لقد كانت قصة موسى والخَضِر ﵉ مَرْتعًا خَصِبًا لخيال الصوفية؛ حتى زعموا أن الخَضِرَ حيٌّ أبدَ الدهر، وأنه يلتقي بالأولياء، ويعلمهم علم الحقيقة، والأوراد، وأنه صاحب شريعة، وعلم باطني يختلف عن الشريعة الظاهرية، وأن علمه لدني موهوب من اللَّه بغير وحي الأنبياء، وكل ذلك بناءً على أنه وليٌّ، وليس نبيًّا.
قال إمامهم ابن عربي في "الفتوحات المكية":
"اعلم أيها الولي الحميم -أيدك اللَّه- أن هذا الوتد هو خَضِر صاحب موسى ﵇ أطال اللَّه عمره إلى الآن، وقد رأينا من رآه، واتفق لنا في شأنه أمر عجيب" (١).
ذِكْرُ الأَدِلَّةِ علَى أنَّ الخَضِرَ نَبِيٌّ وَلَيْسَ وَليًّا فحَسْبُ:
قال الفخر الرازي في معرض حديثه عن الخَضِر ﵇ وهل هو نبيٌّ أو ولي: والأكثرون على أن ذلك العبد كان نبيًّا، واحتجوا عليه بوجوه:
الحجة الأولى: أنه -تعالى- قال: ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا﴾ [الكهف: ٦٥]، والرحمة هي النبوة بدليل قوله تَعَالَى: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾ [الزخرف: ٣٢].
وقوله: ﴿وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [القصص: ٨٦].
والمراد من هذه الرحمة النبوة.
الحُجَّةُ الثَّانِيَةُ:
قوله -تَعَالَى-: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ [الكهف: ٦٥]، وهذا يقتضي أنه -تعَالَى- علَّمَهُ بلا واسطةِ تعليمِ مُعَلِّم، ولا إرشاد مرشد، وكل من عَلَّمَهُ اللَّه لا
(١) "الفتوحات المكية" (٣/ ١٨٠).
1 / 200