أصول بلا أصول
أصول بلا أصول
Editorial
دار ابن الجوزي
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Ubicación del editor
القاهرة - جمهورية مصر العربية
Géneros
وقال الإمام أبو إسحاق الشاطبي ﵀ تَعَالَى:
"اعلم أن النبي ﷺ مُؤَيَّدٌ بالعصمة، معضود بالمعجزة الدالة على صدق ما قال، وصحة ما بيَّن، وأنت ترى الاجتهاد الصادر منه معصومًا بلا خلافٍ، إما بأنه لا يخطئ البتة، وإما بأنه لا يُقَرُّ على خطأ إن فُرِضَ؛ فما ظنك بغير ذلك؟
فكل ما حَكم به؛ أو أخبر عنه من جهة رؤيا نوم، أو رؤية كشف؛ مثلُ ما حكم به مما ألقى إليه الملَكُ عن اللَّه ﷿.
وأمَّا أمَّتُهُ، فكل واحدٍ منهم غير معصوم، بل يجوز عليه الغلط، والخطأ، والنسيان، ويجوز أن تكون رؤياه حُلمًا (١)، وكشفه غير حقيقي، وإن تبين في الوجود صدقه (٢)، واعْتيدَ ذلك فيه واطَّرَدَ؛ فإمكان الخطأ والوهم باقٍ، وما كان هذا شأنه لم يَصِحَّ أن يُقطَعَ به حكم.
وأيضًا؛ فإن كان مثل هذا مَعْدُودًا في الاطّلاع الغيبي؛ فالآيات والأحاديث تدل على أن الغيب لا يعلمه إلا اللَّه؛ كما في الحديث من قوله ﵇: "في خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ تَلَا: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ [لقمان: ٣٤] ... إلى آخر سورة لقمان) (٣).
وقال في الآية الأخرى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: ٥٩].
واستثنى المُرْسَلينَ في الآية الأخرى بقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى
(١) أي: والحُلم من الشيطان، كما جاء في الحديث.
(٢) أي في غير هذه الجزئية التي يفرض الكلام فيها؛ فإمكان الخطأ والوهم باقٍ في هذه الجزئية حتى ينكشف الأمر؛ إما بتحققها، أو عدمه، وبعد تحققها وحصولها، فالمرجع الوجود، لا الكشف ولا الرؤيا.
(٣) قطعة من حديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (٥٠) (١/ ١١٤)، (٤٧٧٧)، (٨/ ٥١٣)، ومسلم (٩) (١/ ٣٩).
1 / 185