Los discursos más famosos y los oradores más célebres
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Géneros
إننا لا نعجب برجل الدعة الذي يجفل من العمل، ولكننا نعجب بالرجل تتجسم فيه الجهود الظافرة، ذلك الرجل الذي لا يؤذي جارا والذي يبادر إلى معونة الصديق ولكنه مع ذلك حاصل على صفات الرجولة اللازمة في الانتصار في معارك الحياة القاسية. وليس من ينكر مشقة الفشل ولكن شر من الفشل ألا يحاول الإنسان النجاح. وفي هذه الحياة الراهنة لا نحصل على شيء ما إلا بالجهود، ومن ليس في حاجة إلى جهد في وقته الراهن كان في حاجة إليه في الماضي وقد اختزن منه حاجته للمستقبل، فإنما يتحرر الإنسان من قيد الاضطرار إلى العمل لأنه هو أو آباؤه قد عملوا في الماضي ونجحوا، فإذا كانت هذه الحرية قد أحسن استعمالها وإذا كان صاحبها لا يزال يشتغل شغلا من طراز آخر كأن يكون كاتبا أو قائدا أو يشتغل بالسياسة أو بالاستكشاف فإنه بعمله هذا يثبت جدارته لثروته، أما إذا كان يعتبر خلو باله من هموم الكدح للمعاش فرصة للتمتع بضروب اللذات فإنه عندئذ يصير عالة على الناس، ثم هو مع ذلك يجعل نفسه عاجزا عن المنافسة والجهاد مع إخوانه إذا دارت الدوائر وتطلبت منه الأحوال ذلك، فإن حياة الدعة ليست مما يرغب فيه لأنها تعجز الذين يمارسونها عن العمل الجدي في هذا العالم.
وكما يسري هذا على الفرد فكذلك يسري على الأمة ، وإنه لمن الأكاذيب السافلة أن يقال إن الأمة التي لا تاريخ لها تكون سعيدة، فأسعد منها مرتين بل ثلاثا تلك الأمة التي تباهي بتاريخ مجيد. والإقدام على جلائل الأعمال ونيل الفوز المجيد وإن تخلل ذلك حبوط المسعى خير من أن يعد الإنسان في صف أولئك الضعاف الذين لا يتمتعون كثيرا ولا يتألمون كثيرا لأنهم يعيشون في غبشة الغسق فلا يعرفون ظفرا أو هزيمة. ولو أن الأميركيين الذين كانوا يؤمنون بالاتحاد في سنة 1861 كانوا يعتقدون أن السلام هو غاية الأماني وأن الحرب والنزاع شر الأشياء ولو أنهم عملوا بما آمنوا لكنا قد وفرنا دماء الألوف ومئات الألوف من النقود، ثم كنا إلى جانب هذه الدماء وهذه النقود نوفر على النساء أحزانهن وخراب بيوتهن وكنا وفرنا على بلادنا تلك الأيام السوداء عندما كانت جيوشنا تسير نحو المعركة فكأنها تسير نحو الهزيمة فتملأ قلوبنا خزيا وأسفا. كان في مقدورنا أن نتجنب جميع هذه الآلام بأن نحجم عن القتال والكفاح، ولكننا لو كنا قد فعلنا ذلك إذن لصرنا ضعافا أنكاسا غير جديرين بالوقوف في مصاف الدول العظمى. فلنشكر الله أنه مزج دماء آبائنا بالحديد، أولئك الرجال الذين نصروا لنكولن وآمنوا بحكمته وساروا إلى القتال تحت راية جرانت! فعلينا نحن أبناء الرجال الذين ارتفعوا إلى مستوى تلك الأيام العظيمة، نحن أبناء أولئك الأبطال الذين ساروا بالحرب الأهلية إلى الفوز النهائي، علينا أن نشكر الله لأن نصائح الصلح قد ردت وأن الآلام والخسائر والأحزان قد قوبلت دون خور؛ لأن ختام هذه الحرب قضى على عبودية الزنوج وعاد الاتحاد وظهرت الجمهورية الأميركية العظيمة ملكة متوجة بين الأمم.
وليس علينا نحن أبناء هذا الجيل أن نواجه مثل هذه المهمة التي وقعت على كواهل آبائنا ولكن لنا نحن أيضا مهماتنا وويل لنا إذا لم نؤدها. فلسنا نستطيع - حتى لو أردنا - أن نعيش كما يعيش الصينيون تبلى أجسادنا وعقولنا في دعة لا نهتم لما يحصل خارج حدود بلادنا نتخبط في المبادئ التجارية لا نعنى بالحياة العليا حياة الأماني والكد والأخطار نقصر جهدنا على حاجات يومنا الجسمية، حتى نرى في أحد الأيام كما رأت الصين أن الأمة التي تعيش في هذا العالم عيشة الدعة والسلام والبعد عن الطرق الحربية تنهزم أمام الأمم التي لم تفقد صفات الاقتحام والرجولة ، فإذا نوينا نية صادقة أن نكون أمة عظيمة فعلينا أن نمثل دورا عظيما في هذا العالم، وليس من المستطاع أن نتجنب مواجهة المسائل العظمى، وكل ما علينا أن نقر على نوع هذه المواجهة إن حسنا وإن سيئا. (27) خطبة للرئيس ويلسون
كل من يذكر الحرب الكبرى يذكر أيضا ويلسون (1856- ) أحد أساتذة جامعة برنستون ثم رئيس الولايات المتحدة، وقد قال أحد فلاسفة الإغريق إن الأمم لن تسعد حتى تصير قادتها فلاسفة وفلاسفتها قادة. فلما صار ويلسون إلى مركز الرياسة تطلع الناس ليروا ما سيجنونه من سياسة الفيلسوف، وحدث في عهده أكبر أزمة كابدها الضمير البشري في تاريخ الإنسان، وهي الحرب الكبرى، وكانت في لبها حربا مادية تستحثها الأطماع السافلة في امتلاك المال والعقار، فلم تكن تختلف عن حروب المتوحشين الأفريقيين إلا من حيث الكمية لا من حيث النوع، ولكن الأمم المتحاربة أرادت أن تجند العواطف وتعبي القلوب، فاخترعت ألفاظا لم تكن مألوفة في الحروب السابقة مثل الحق والعدل وما إليهما، فاغتر بها الفيلسوف ويلسون وزج بأمته في هذه الحرب ونال النصر ثم جاء السلم فنالته الهزيمة، فقد حاطه ساسة أوروبا وأخذوه بأساليبهم حتى خرج من قاعة المفاوضات في النهاية ولم يربح لمبادئه نصيرا.
ولكن يكفي ويلسون فخرا أن يتهكم عليه مسيو كليمانصو فيقول فيه: «إنه يظن نفسه أنه المسيح.»
وخير للناس أن ينخدعوا بالمبادئ العليا ويعتقدوا أنهم يؤمنون بها وأن تحقيقها مستطاع مثل ما فعل ويلسون من أن يؤمنوا بالحقائق وينزلوا عند حد الأطماع البشرية كما فعل مسيو كليمانصو.
وفيما يلي يرى القارئ مثالا من خطب ويلسون وموضوعه: «الحرية الجديدة»، قال:
مهما أكثرنا من التفكير في حادثة استكشاف أميركا فإن هذه الحادثة لا تزال تثير خيالنا وتهتاجنا، فقد سلفت قرون كان وجه أوروبا يتجه فيها نحو الشرق، فكانت طرق التجارة ودوافع النشاط تسير نحو الشرق، وكان المحيط الأطلسي أشبه شيء بالباب الخلفي للمنزل، ثم فوجئ الأوروبيون باستيلاء الأتراك على القسطنطينية ووقوفهم سدا حائلا بين أوروبا والشرق، فكان على أوروبا إما أن تتجه نحو وجهة أخرى وإما أن تقف مشلولة الحركة لا تجد منفذا لنشاطها. وفي النهاية أقدم الناس على هذا البحر الغربي المجهول مجازفين بأرواحهم وعلم سكان الأرض عندئذ أن أرضهم تبلغ ضعفي ما كانوا يعتقدون. ولم يجد كولمبوس كما كان ينتظر حضارة الصين بل وجد قارة غير عامرة، ففي هذا الجزء من العالم على هذا النصف الآخر من الكرة الأرضية أتيح للإنسان في تاريخه الحديث أن يؤسس حضارة جديدة لها ميزة التجربة الجديدة.
فمثل هذه الفرصة الفريدة جديرة بأن تحرك العواطف عند جميع من يتبصرون في غرابتها وفي قيمتها، فقد يستطيع الإنسان أن يؤلف آلافا من التواريخ الخيالية لهذه الأرض ولكن لا يبلغ خياله إلى اختراع قصة يكون فيها نصف العالم مخبوءا حتى ينضج الزمان ويتهيأ للشروع في إيجاد حضارة جديدة، فقد كان طمع ربان سفينة في الاهتداء إلى طريق بحري سببا في امتياز أدبي للإنسانية، فقد قدر للإنسان أن يؤسس هيئة اجتماعية جديدة في هذه الأرض الميمونة التي لم يقترب منها إنسان كما كان يقول السياح إلا وينتعش بهواء الغابات الملتهبة بالأزهار ويطرب لخرير المياه الصافية التي تنساب بين أشجارها.
فهذا النصف الآخر من الكرة الأرضية كان راقدا ينتظر مس الحياة - حياة من العالم القديم حقا ولكنها قد طهرت من الأدران وعولجت من الإعياء لكي تليق بطهارة العروس العذراء.
Página desconocida